اللذين يتعاقبان علينا إلا إذا قدرنا أن الوقت كله نهار، أو أن الوقت كله ليل، ولهذا من الحكم المأثورة: "بضدها تتبين الأشياء".

الرابع عشر من الحكم: من فوائد هذه الكارثة: أن تبين بها من هو صادق التوكل على الله، ومن يعتمد على الأسباب، دون المُسببّ، كثير من الناس بهذه الكارثة نسى التوكل على الله، وصار يعتمد على الوسائل، أو على الأسباب الحسية الظاهرة، وهذا بلا شك نقص في التوكل، وسبب للخذلان. ولعل الكثير منكم لا ينسى ما حصل لأشرف جندٍ على وجه الأرض، منذ خُلق آدم إلى قيام الساعة وهو النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه في غزوة حنين، حين اعتمدوا على كثرتهم، وأعجبوا بها، وقالوا: لن نغلب اليوم من قلة، فغلبوا عن كثرة. فقد غلبوا وهم كثيرون، غلبهم عدوهم، وكانوا اثني عشر ألفا، وكان العدو ثلاثة آلاف وخمسمائة رجل، ومع ذلك حصلت الهزيمة، ولكن النصر فيما بعد صار للمسلمين ولذلك قال الله تعالى: (لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ) (?) وكانت النهاية ولله الحمد للمسلمين.

فنقول: في هذه الكارثة صار بعض الناس يعتمدون على

طور بواسطة نورين ميديا © 2015