فقال: "أحيٌّ والداك؟ " قال: نعم، قال: "ففِيهِمَا فجَاهِدْ" (?) .
ثمَّ إنَّ الرجل إذا فاته الجهاد بنفسه تبعًا لرضا والديه لم يَفُتْهُ الجهاد بماله إن كان ذا مال، والجهادُ بالمال شقيقُ الجهاد بالنفس وقرينُه في كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -.
أما بالنسبة للسؤال الثاني: ما نُسِبَ إلى شيخ الإسلام ابن تيمية لا أدري هل يصحُّ عنه بهذا اللفظ أو لا؟ وإن صح فمراده علم مُقتَضَيات الجهادِ وثمراته، وهل الحكمة في الإقدام عليه أو في إعداد
العُدُّة قبل ذلك؟ وليس مراده العلمَ بالحكم الشرير فيه؛ لأنَّ هذا لا يختص بالجهاد، بل كل شيءٍ لا يُسأل فيه إلاَّ من كان عالمًا به.
وأما الشك الذي أثاره هذا الكلام في نفوس كثير من الشباب، فلا وجه له، فإنَّ العلماءَ بالجهاد تُقَبل فتواهم فيه، سواء شاركوا فيه أم لم يشاركوا، فالحق ضالة المؤمن أينما وجده أخذه، والمؤمن كَيِّسٌ فَطِنٌ؛ لا يُقْدِمُ على شيءٍ إلا بعد معرفة نتائجه وثمراته، ولا يجعل الحكم في المقارنة بين الأشياء إلى العاطفة المَحْضة، بل يتروى في الأمور وينظر بعين الشرع والعقل والعاطفة، فبالشرع يعرف الحكم، وبالعقل يُقايَسُ بين الأمور، وبالعاطفة ينشط ويدع الخمول، والله الموفق، حرر في 9/9/1409 هـ.