الباب التاسع عشر في ظهور مقالة التعطيل واستمدادها

الباب التاسع عشر

في ظهور مقالة التعطيل واستمدادها

شاعت مقالة التعطيل بعد القرون المفضلة - الصحابة والتابعين وتابعيهم - وإن كان أصلها قد نبغ في أواخر عصر التابعين.

وأول من تكلم بالتعطيل الجعد بن درهم فقال: إن الله لم يتخذ إبراهيم خليلا، ولم يكلم موسى تكليما. فقتله خالد بن عبد الله القسري الذي كان واليا على العراق لهشام بن عبد الملك، خرج به إلى مصلى العيد بوثاقه ثم خطب الناس وقال: أيها الناس ضحوا تقبل الله ضحاياكم، فإني مضح بالجعد بن درهم إنه زعم أن الله لم يتخذ إبراهيم خليلا، ولم يكلم موسى تكليما ثم نزل وذبحه وذلك في عيد الأضحى سنة 119 هـ.

وفي ذلك يقول ابن القيم رحمه الله في النونية:

ولأجل ذا ضحى بجعد ال ... قسري يوم ذبائح القربان

إذ قال: إبراهيم ليس خليله ... كلا ولا موسى الكليم الداني

شكر الضحية كل صاحب سنة ... لله درك من أخي قربان

ثم أخذها عن الجعد رجل يقال له: الجهم بن صفوان وهو الذي ينسب إليه مذهب الجهمية المعطلة، لأنه نشره فقتله سالم بن أحوز صاحب شرطة نصر بن سيار وذلك في مرو سنة 128 هـ.

وفي حدود المائة الثانية عربت الكتب اليونانية والرومانية فازداد الأمر بلاء وشدة.

ثم في حدود المائة الثالثة انتشرت مقالة الجهمية بسبب بشر بن غياث المريسي وطبقته الذين أجمع الأئمة على ذمهم وأكثرهم كفروهم أو

طور بواسطة نورين ميديا © 2015