رواه مسلم. وليس في هذا الحديث دلالة على ما توهموه، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: "انقطع عمله" ولم يقل: "انقطع العمل له"، ثم إن هذا الحديث الذي استندت إليه هؤلاء فيما فهموا منه، ليس على عمومه بالنص والإجماع، إذا لو كان على عمومه لكان الميت لا ينتفع بغير
دعاء ولده له، وقد دل الكتاب والسنة والإجماع على انتفاع الميت بدعاء غير ولده له، قال الله تعالى: (وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْأِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ) (?) ، والذين سبقوهم بالإيمان في هذه الآيات هم المهاجرون والأنصار، والذين جاءوا من بعدهم شامل لمن بعدهم إلى يوم القيامة، فهم يدعون بالمغفرة لهم وإن لم يكونوا من أولادهم، وينفعهم ذلك، وقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم -
أنه أغمض أبا سلمة رضي الله عنه حين مات وقال: "اللهم اغفر لأبب سلمة، وارفع درجته في المهديين، واخلفه في عقبه، وافسح له في قبره، ونوِّر له فيه" (?) .
وكان - صلى الله عليه وسلم - يصلي على أموات المسلمين ويدعو لهم، وصح عنه أنه قال: "ما من رجل مسلم يموت فيقوم على جنازته أربعون رجلاً لا