يؤدون أعمالًا صالحة لا يريدون بها وجه الله، وإنما يريدون أن يمدحهم الناس، كالذي يتصدق لأجل أن يمدحه الناس أو يصلي، أو يطلب العلم، أو يؤدي أي عبادة من العبادات، لا رغبة في الطاعة والثواب، وإنما يريد بذلك أن يمدحه الناس، ويثنوا عليه، فهذا هو الرياء، وهذا يحبط العمل، كما قال سبحانه وتعالى: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} [الكهف: 110] ، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر، فسئل عنه، فقال: الرياء» ، فالرياء محبط للعمل وهو شرك أصغر.
وهو خطر شديد، وهو من صفات المنافقين؛ لأنهم كما قال تعالى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا} [النساء: 142] .
فالرياء داء خطير، ومرض وبيل، والواجب على المسلم أن يخلص عمله لله عز وجل، ولا يقصد من ورائه رياءً ولا سمعة.
وأما الذين يمنعون الماعون: المراد بالماعون هنا العارية؛ لأن بذل العارية للمحتاج من الطاعة والإحسان يثاب عليها الإنسان، فالذي يمنع العارية عن المحتاج وهو لا ضرر عليه في بذلها يعتبر عليه هذا الوعيد العظيم.
وقد فسر الماعون بما يشمل القدر والفأس والحبل والدلو وكل ما يحتاجه الناس لأمورهم التي يضطرون إليها، فبذل العارية للمحتاجين، إذا لم يترتب على ذلك ضرر بالمعير، وهو في غنى عنها، فإن بذلها من الطاعة ومنعها من المتوعد عليه في هذه الآية الكريمة.
***