وما لديهم من ضرورات، فكيف تدعى من دون الله، فلهذا قال: {هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ} (?) {أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ} (?) ماذا أجابوا؟ حاروا وحادوا عن الجواب، لأنهم يعلمون أن هذه الآلهة ليس عندها نفع ولا ضر، وليست تسمع دعاء الداعين ولا تجيبه.

فلهذا قالوا: {بَلْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ} (?) ولم يقولوا إنهم يسمعون أو ينفعون أو يضرون. بل حادوا عن الجواب وأتوا بجواب يدل على الحيرة والشك، بل والاعتراف بأن هذه الآلهة لا تصلح للعبادة، فقالوا: {بَلْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ} (?) يعني سرنا على طريقتهم وسبيلهم من غير نظر فيما قلت لنا.

وهذا معنى قوله في الآية الأخرى: {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ} (?) هذه طريقتهم الملعونة الخبيثة التي سلكوها واحتجوا بها، وساروا عليها، نسأل الله السلامة، ثم قال لهم الخليل عليه السلام: {قَالَ أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ} (?) {أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ} (?) {فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ} (?) مراده بذلك معبوداتهم من الأصنام.

ولهذا قال: {فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ} (?) فقوله: إلا رب العالمين، يدلنا على أنه كان عليه الصلاة والسلام، يعلم أنهم يعبدون الله ويعبدون معه غيره، ولهذا استثنى ربه، فقال: إلا رب العالمين، كما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015