فمنهم من رأى: أن الماء إذا كان دون القلتين، وأصابته نجاسة فإنه ينجس بذلك، وإن لم يتغير لونه أو طعمه أو ريحه؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إذا كان الماء قلتين لم يحمل الخبث (?) » ، وفي لفظ: «لم ينجس» أخرجه الإمام أحمد، وأهل السنن الأربع، وصححه ابن خزيمة، وابن حبان، والحاكم.
قالوا: فمفهوم هذا الحديث أن ما دون القلتين ينجس بما يقع فيه من النجاسة، وإن لم يتغير.
وقال آخرون من أهل العلم: (دلالة المفهوم ضعيفة) .
والصواب: أن ما دون القلتين لا ينجس إلا بالتغير، كالذي بلغ القلتين؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إن الماء طهور لا ينجسه شيء (?) » أخرجه الإمام أحمد، وأبو داود، والترمذي، والنسائي بإسناد صحيح، من حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه -. وإنما ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - القلتين؛ ليدل على أن ما دونهما يحتاج إلى تثبت ونظر وعناية؛ لأنه ينجس مطلقا؛ لحديث أبي سعيد المذكور.
ويستفاد من ذلك: أن الماء القليل جدا يتأثر بالنجاسة غالبا، فينبغي إراقته، والتحرز منه؛ ولهذا ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليرقه، ثم ليغسله سبع مرات (?) » أخرجه مسلم في صحيحه.