يخاطب النبي عليه الصلاة والسلام بقوله: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ} (?) يعني المدعوين من قريش وغيرهم، {وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} (?) وقال لموسى وهارون عليهما الصلاة والسلام لما بعثهما إلى فرعون: {فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} (?) وهذا توجيه من الله سبحانه لرسوليه موسى وهارون لما بعثهما إلى فرعون، ليتأسى بذلك الدعاة ويتخلقوا به في دعوتهم إلى الله لا سيما مع الرؤساء والعظماء، ولا سيما في عصرنا هذا، فإن الحكمة والأسلوب الحسن والرفق من أهم المهمات في كل وقت وفي هذا الوقت بوجه أخص، لكثرة الجهل وغلبة الهوى على أكثر الخلق، وبالشدة ينفر منك الناس ويبتعدون عنك ولا يقبل الحق إلا من رحم الله.
وقد ذكر بعض المؤرخين أن أحد الدعاة قابل بعض الحكام من بني العباس فقال له: إني قائل لك ومشدد عليك، فقال له الخليفة: لا يا أخي ارفق بي فلست بشر من فرعون ولست خيرا من موسى، وقد قال الله لموسى وهارون: {فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} (?) والمقصود أن تحري الألفاظ المناسبة للمدعو والمنصوح أولى مع الرفق، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من يحرم الرفق يحرم الخير كله (?) » ويقول عليه الصلاة والسلام: «إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ولا ينزع من شيء إلا شانه (?) » .