فالظالمون لهم شأن آخر، لكن ما دمت تستطيع الجدال بالتي هي أحسن وهو يتقبل أو ينصت أو يتكلم بأمر لا يعد فيه ظالما ولا معتديا فاصبر وتحمل بالموعظة والأدلة الشرعية والجدال الحسن، يقول الله سبحانه: {وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا} (?) وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «البر حسن الخلق (?) » .
وقد أثنى الله على النبي صلى الله عليه وسلم في أمر الدعوة فقال جل وعلا: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} (?) ونبينا أكمل الناس في دعوته، وأكمل الناس في إيمانه، لو كان فظا غليظ القلب لانفض الناس من حوله وتركوه فكيف أنت، فعليك أن تصبر وعليك أن تتحمل ولا تعجل بسب أو كلام سيئ أو غلظة، وعليك باللين والرحمة والرفق. ولما بعث الله موسى وهارون لفرعون ماذا قال لهما، قال سبحانه: {فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} (?) فأنت كذلك لعل صاحبك يتذكر أو يخشى، وفي الصحيح عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «اللهم من ولي من أمر أمتي شيئا فرفق بهم فارفق به، اللهم من ولي من أمر أمتي شيئا فشق عليهم فاشقق عليه (?) » وهذا وعد عظيم في الرفق ووعيد عظيم في المشقة، ويقول عليه الصلاة والسلام: «من يحرم الرفق يحرم الخير كله (?) » ويقول صلى الله عليه وسلم: «عليكم بالرفق فإنه لا يكون في شيء إلا زانه ولا ينزع من شيء إلا شانه (?) » .
فالواجب على الداعي إلى الله أن يتحمل، وأن يستعمل الأسلوب الحسن الرفيق اللين في دعوته للمسلمين والكفار جميعا، لا بد من الرفق مع المسلم ومع الكافر ومع الأمير وغيره ولا سيما الأمراء والرؤساء والأعيان، فإنهم يحتاجون إلى المزيد من الرفق والأسلوب الحسن لعلهم يقبلون الحق ويؤثرونه على ما سواه، وهكذا من تأصلت في نفسه البدعة أو المعصية ومضى عليه فيها السنون يحتاج إلى صبر حتى تقتلع البدعة