وبين سبحانه في مواضع كثيرة من كتابه الكريم شأن الشفاعة فقال تعالى في سورة البقرة: {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ} (?) وقال في سورة النجم: {وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى} (?) وقال في سورة الأنبياء في وصف الملائكة: {وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ} (?) وأخبر عز وجل أنه لا يرضى من عباده الكفر وإنما يرضى منهم الشكر، والشكر هو توحيده والعمل بطاعته فقال تعالى في سورة الزمر: {إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ} (?) الآية، وروى البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: «يا رسول الله من أسعد الناس بشفاعتك؟ قال: " من قال لا إله إلا الله خالصا من قلبه " أو قال: " من نفسه (?) » وفي الصحيح عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لكل نبي دعوة مستجابة فتعجل كل نبي دعوته وإني اختبأت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة فهي نائلة إن شاء الله من مات من أمتي لا يشرك بالله شيئا (?) » والأحاديث في هذا المعنى كثيرة، وجميع ما ذكرنا في الآيات والأحاديث كلها تدل على أن العبادة حق الله وحده وأنه لا يجوز صرف شيء منها لغير الله لا للأنبياء ولا لغيرهم، وأن الشفاعة ملك الله عز وجل كما قال سبحانه: {قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا} (?) الآية.

ولا يستحقها أحد إلا بعد إذنه للشافع ورضاه عن المشفوع فيه وهو سبحانه لا يرضى إلا التوحيد كما سبق، أما المشركون فلا حظ لهم في الشفاعة كما قال تعالى: {فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ} (?) وقال تعالى: {مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ} (?) الآية.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015