فمن شهد لمخلوق بالنبوة بعد محمد عليه الصلاة والسلام فهو كافر ضال، فلا إسلام ولا إيمان إلا بشهادة أن لا إله إلا الله قولا وعملا وعقيدة، وأنه لا معبود بحق سوى الله، ولا بد من الإيمان بأن محمدا رسول الله، مع تصديق الأنبياء الماضين والشهادة لهم بأنهم بلغوا الرسالة عليهم الصلاة والسلام.
ثم بعد ذلك يقوم العبد بما أوجب الله عليه من الأوامر والنواهي، هذا هو الأصل لا يكون العبد مسلما إلا بهذا الأصل: بإفراد الله بالعبادة والإيمان بما دلت عليه، هذه الكلمة: " لا إله إلا الله "، ولا بد مع ذلك من الإيمان برسول الله والأنبياء قبله، وتصديقهم واعتقاد أنهم بلغوا الرسالة وأدوا الأمانة عليهم الصلاة والسلام، وكثير من الجهلة كما تقدم يظن أنه متى قال لا إله إلا الله وشهد أن محمدا رسول الله فإنه يعتبر مسلما ولو عبد الأنبياء أو الأصنام أو الأموات أو غير ذلك، وهذا من الجهل العظيم والفساد الكبير والضلال البعيد، بل لا بد من العمل بمعناها والاستقامة عليه، وعدم الإتيان بضد ذلك قولا وعملا وعقيدة، ولهذا يقول جل وعلا في سورة فصلت: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ} (?) {نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ} (?) الآية.
والمعنى أنهم قالوا: ربنا الله ثم استقاموا على ذلك، ووحدوه وأطاعوه واتبعوا ما يرضيه، وتركوا معاصيه، فلما استقاموا على ذلك صارت الجنة لهم، وفازوا بالكرامة، وفي الآية الأخرى من سورة الأحقاف قال سبحانه: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} (?) {أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (?)