ورجاءه والتوكل عليه، والرضا بقضائه والصبر عَلَى بلائه.
والأمر الثاني: المعرفة بما يحبه ويرضاه وما يكرهه ويسخطه من الاعتقادات والأعمال الظاهرة والباطنة والأقوال.
فيوجب ذلك لمن علمه المسارعة إِلَى ما فيه محبة الله ورضاه والتباعد عما يكرهه ويسخطه؛ فإذا أثمر العِلْم لصاحبه هذا فهو علم نافع، فتى كان العِلْم نافعًا ووقر في القلب لله، فقد خشع القلب وانكسر له وذل هيب وإجلالا وخشية ومحبة وتعظيمًا ومتى خشع القلب لله وانكسر له وذل قنعت النفس بيسير الحلال من الدنيا، وشبعت به فأوجب لها ذلك القناعة والزهد في الدُّنْيَا. وكل ما هو فإن لا يبقى من المال والجاه وفضول العيش الذي ينقص به حظ صاحبه عند الله من نعيم الآخرة وإن كان كريمًا عَلَى الله كما قالا ذلك ابن عمر وغيره من السلف وروى مرفوعًا.
وأوجب ذلك أن (تكون) (*) بين العبد وبين ربه عز وجل معرفة خاصة، فإن سأله أعطاه، وإن دعاه أجابه، كما قال في الحديث الإلهي: "وَلاَ يَزَالُ عَبْدِى يَتَقَرَّبُ إِلَىَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ -إلى قوله- فلَئِنْ سَأَلَنِى لأعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِى لأعِيذَنَّهُ" (?) وفي رواية (?): "وَلَئِنْ دَعَانِي لِأُجِيبَنَّهُ".
وفي وصيته - صلى الله عليه وسلم - لابن عباس: "احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ أَمَامَكَ، وتَعَرَّفْ إِلَى اللَّهَ فِي الرَّخَاءِ يَعْرِفْكَ فِي الشِّدَّةِ"، (?) فالشأن في أن العبد يكون بينه وبين ربه معرفة خاصة بقلبه بحيث يجده قريبًا منه يستأنس به في خلوته ويجد