فلا طريق إلى معرفة الله وإلى الوصول إلى رضوانه والفوز بتهربه ومجاورته في الآخرة إلا بالعلم النافع، الذي بعث الله به رسله، وأنزل به كتبه، فهو الدليل عليه، وبه يُهْتدى في ظلمات الجهل والشبه والشكوك، وقد سمى الله كتابه نورًا يهتدى به في الظلمات.
كما قال تعالى: {قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ * يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} (?).
وقد ضرب النبي - صلى الله عليه وسلم - مثل من حمل العلم الذي جاء به بالنجوم التي يهتدى بها في الظلمات.
كما في "المسند" (?) عن أنس رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّ مَثَلَ الْعُلَمَاءِ فِي الْأَرْضِ كَمَثَلِ النُّجُومِ فِي السَّمَاءِ يُهْتَدَى بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ، فَإِذَا طُمِسَتِ النُّجُومُ أَوْشَكَ أَنْ تَضِلَّ الْهُدَاةُ".
وهذا مثل في غاية المطابقة؛ لأنّ طريق التوحيد والعلم بالله تعالى وأحكامه، وثوابه وعقابه لا يدرك بالحس، إنما يعرف بالدليل، وقد بين ذلك كله في كتابه وعلى لسان رسوله.
فالعلماء بما أنزل الله على رسوله هم الأدلاء الذين يهتدى بهم في ظلمات الجهل والشبه والضلال، فإذا فقدوا ضل السالك.
وقد شبه العلماء بالنجوم، والنجوم في السماء، فيها ثلاث فوائد:
يهتدى بها في الظلمات، وهي زينة للسماء، ورجوم للشياطين الذين يسترقون السمع منها.