المنازل، لتقطعت {قلوب} (*) أصحاب اليمين حسرات مما فاتهم من منازل المقربين مع إمكان مشاركتهم لهم في أعمالهم التي نالوا بها منازلهم العالية، وقد جاء في الأحاديث والآثار أنهم يَقُولُونَ: ألم نكن مع هؤلاء في الدُّنْيَا؟ فيقال: كنتم تفطرون وكانوا يصومون، وكنتم تنامون وكانوا يقومون وكنتم تبخلون، وكانوا ينفقون، ونحو ذلك.
وكذلك جاء "أن الرجل من أهل عليين ليخرج فيسير في ملكه فما تبقى خيمة من خيم الجنة إلا دخلها من ضوء وجهه فيستبشرون بريحه فيَقُولُونَ: واهًا لهذه الريح، هذا رجل من أهل عليين قد خرج يسير في ملكه".
هذا قد رُوي من حديث ابن مسعود مرفوعًا (?)، ورُوي من كلام كعب (?).
ومنها: ما يلحقه من الخجل والحياء من الله عز وجل عند عرضه عليه وتقريره بأعماله وربما كان ذلك أصعب عليه من دخول النار ابتداءً وقد أخبر بذلك بعض المحتضرين في زمان السَّلف عند احتضاره، وكان أغمي عليه حتى ظُن أنَّه مات، ثم أفاق فأخبر ذلك، وجاء تصديق ذلك في الأحاديث والآثار، كما روى عبد الله بن الإمام أحمد في كتاب "الزهد" بإسناده عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "يدني الله عز وجل العبد يوم القيامة فيضع عليه كنفه فيستره من الخلائق كلها، ويدفع إِلَيْهِ كتابه في ذلك الستر فيقول: اقرأ يا ابن آدم كتابك، قال: فيمر بالحسنة فيبيض لها وجهه ويسرُّ بها قلبه، قال: فيقول الله عز وجل: أتعرف يا عبدي؟ فيقول: نعم يا رب أعرف، فيقول إني قد قبلتها منك، قال: فيخر لله ساجدًا، قال: فيقول الله عز وجل ارفع رأسك يا ابن آدم وعدُ في كتابك، قال: فيمر بالسيئة فيسود لها وجهه ويَوجَل منها قلبه، وترتعد منه فرائصه، ويأخذه من الحياء من ربه ما لا يعلمه غيره قال: فيقول الله عز وجل: أتعرف يا عبدي؟ قال: فيقول: نعم يا رب أعرف، قال: فيقول: إني قد غفرتها لك، قال: فلا يزال حسنة تقبل فيسجد وسيئة تغفر فيسجد، فلا ترى الخلائق منه إلا السجود، قال: