فصل: [في الفرق بين النصح بالعيوب للرجوع عنها والتوبيخ والتعيير بالذنب] (*)

ومِنْ هذا الباب أن يُقال للرجل في وجهه ما يكرهُه، فإنْ كان هذا عَلَى وجه النُّصح فهو حسنٌ، وقد قال بعضُ السَّلف لبعض إخوانه: "لا تَنْصحْني حتى تقول في وجهي ما أكرهُ".

فَإِذَا أخبر الرجل أخاه بعيبه ليجتنبه كان ذلك حسنًا، ويحق لمن أُخبر بِعيب من عيوبه أن يعتذر منها؛ إِن كان له منها عُذر، وإن كان ذلك عَلَى وَجْه التَّوبيخ بالذنبِ فهو قبيحٌ مذمومٌ.

وقيل لبعض السَّلف: "أتحب أن يُخبرك أحدٌ بعيوبك؛ فَقَالَ: إِن كان يريدُ أن يُوبِّخني فلا".

فالتوبيخ والتعييرُ بالذنب مذمومٌ، وقد نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن تُثرَّب الأمَةُ الزانيةُ مع أمره بجلدها (?)، فتُجلد حَدًّا ولا تُعيَّر بالذنب ولا تُوبَّخ به. وفي الترمذي وغيره مرفوعًا: «مَنْ عَيَّرَ أَخَاهُ بِذَنْبٍ لَمْ يَمُتْ حَتَّى يَعْمَلَهُ» (?). وحُمِل ذلك عَلَى الذنب الَّذِي تاب منه صاحبه.

قال الفُضيل: "المؤمن يستُرُ وينصَحُ، والفاجر يهتكُ ويُعَير".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015