وخرج الطبراني (?) من حديث أَنَسٍ: "أَنَّ أَعْرَابِيًّا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُ: مَتَى عَهْدُكَ بِأُمِّ مِلْدَمٍ؟ قَالَ: وَمَا أُمُّ مِلْدَمٍ؟ قَالَ: حَرٌّ يَكُونُ بَيْنَ الْجِلْدِ وَالْعَظْمِ، يَمَصُّ الدَّمَ، وَيَأْكُلُ اللَّحْمَ. قَالَ: مَا اشْتَكَيْتُ قَطُّ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ أَرَادَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَلْيَنْظُرْ إِلَى هَذَا. أَخْرِجُوهُ عَنِّي".
وفي "المسند" (?) عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ: دَخَلَ رَجُلٌ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: "مَتَى عَهْدُكَ بِأُمِّ مِلْدَمٍ؟ " وَهُوَ حَرٌّ بَيْنَ الْجِلْدِ وَاللَّحْمِ. وَقَالَ: إِنَّ ذَلِكَ لَوَجَعٌ مَا أَصَابَنِي قَطُّ. قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَثَلُ الْمُؤْمِنِ مَثَلُ الْخَامَةِ تَحْمَرُّ مَرَّةً، وَتَصْفَرُّ أُخْرَى".
وقد اختار النبي - صلى الله عليه وسلم - الحمى لأمته عموماً، ولأهل مدينته خصوصًا، وللأنصار من أهل قباء خصوصًا.
فأما الأول: ففي "المسند" (?) عن أبي قلابة قال: "نبئت أن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْنَمَا هُوَ ذَاتَ لَيْلَةٍ يُصَلِّي قَالَ فِي دُعَائِهِ: فَحُمَّى إِذًا أَوْ طَاعُونًا، قَالهاَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ. فَلَمَّا أَصْبَحَ سَأَلَهُ إِنْسَانٌ مِنْ أَهْلِهِ عَنْ ذَلِكَ: فَقَالَ: إِنِّي سَأَلْتُ رَبِّي أَنْ لَا يُهْلِكَ أُمَّتِي بِسَنَةٍ فَأَعْطَانِيهَا، وَسَأَلْتُهُ أَنْ لَا يُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ غَيْرِهِمْ فَيَسْتَبِيحَهُمْ فَأَعْطَانِيهَا، وَسَأَلْتُهُ أَنْ لَا يُلْبِسَهُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَهُمْ بَأْسَ بَعْضٍ فَأَبَى عَلَيَّ -أَوْ قَالَ: فَمنعت -فَقُلْتُ حُمَّى إِذًا أَوْ طَاعُونًا، حُمَّى إِذًا أَوْ طَاعُونًا ... " يَعْنِي ثَلَاثَ مَرَّاتٍ.
وأما الثاني: في "المسند" (?) أيضاً عن أبي عسيب -مولى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "أَتَانِي جِبْرِيلُ بِالْحُمَّى وَالطَّاعُونِ، فَأَمْسَكْتُ الْحُمَّى بِالْمَدِينَةِ،