قَالَ ضيغم العابد: إن لم تأت الآخرةُ المؤمنَ بالسرور، لقد اجتمع عليه همان، همُّ الدُّنْيَا وشقاء الآخرة.
فقِيلَ لَهُ: كيف (لا) (*) تأتيه الآخرة بالسرور وهو يتعب في دار الدُّنْيَا ويدأب؟
قَالَ: كيف بالقبول، كيف بالسلامة؟ كم (من) (*) رجل يرى أنّه قد أصلح همته يُجمع ذلك كله يوم القيامة ثم يضرب به وجهه.
ومن هنا كان عامر بن عبد قيس وغيره يقلقون من هذه الآية: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} [المائدة: 27].
وقال ابن عون: لا تثق بكثرة العمل، فإنك لا تدري أيُقبل منك أم لا، ولا تأمن ذنوبك فإنّك لا تدري هل كُفِّرت عنك أم لا؟ لأنّ عملك مُغَيَّبٌ عنك كله لا تدري ما الله صانع به.
وبكى النخعيُّ عند الموت وقال أنتظرُ رسول ربي ما أدري أَيُبشرني بالجنة أم بالنار؟.
وجزع غيره عند الموت، فقِيلَ لَهُ: لم تجزع؟ قَالَ: إِنَّمَا هي ساعة ولا أدري أين يُسلك بي؟.
وجزع بعض الصحابة عند موته، فسئل عن حاله فَقَالَ: إن الله قبض خلقه قبضتين قبضة للجنة، وقبضة للنار، ولست أري في أي القبضتين أنا؟ (?).