لمَّا كان هذان الوقتان في الجنة وقتين للرؤية في حقِّ خواصِّ أهلِ الجنة، حضَّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى المحافظة عَلَى الصلاة في هذين الوقتين في الدُّنْيَا.
فمن حافظ على هاتين الصلاتين في الدُّنْيَا في هذين الوقتين وصلاَّهما عَلَى أكمل وجوههما وخشوعهما وحضورهما وآدابهما، فإنَّه يرجى له أن يكون ممن يرى اللهَ في هذينِ الوقتين في الجنة.
لا سيما إنْ حافظ بعدهما عَلَى الذكر وأنواع العبادات حتى تطلع الشمس أو تغرب، فإن وصل العبدُ ذلك بدلجةِ آخرِ الليلِ فقد اجتمع له السير في الأوقات الثلاثة، وهي: الدلجة، والغدوة، والروحة فيوشك أن يعقبه الصدق في هذا السير، الوصول الأعظم إِلَى ما يطلبه {فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ} [القمر: 55].
من لزم الصدق في طلبه أدّاه الصدقُ إِلَى مقعدِ الصدق وبأكثر {وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ} [يونس: 2].
المحبُّ لا يقطع السؤال عمن يحب، ويتجسس الأخبار، (ويتنسم) (*) الرياح، ويستدل بالآثار لسلوكِ الطريق إِلَى محبوبه
أسائلكم عنها فهل من مخبر ... فما لي بنعم بعد مكثنا علم
فلو كنتُ أدري أين خيَّم أهلها ... وأَيُّ بلادِ الله إذا ظعنوا أمُّوا
إذًا لسلكنا مسلك الريح خلفَها ... ولو أصبحت نعم ومن دونها النجمُ
لقد كبرت همةٌ (اللهُ مطلوبُهَا) (**)، وشرُفت نفسٌ اللهُ محبوبُهَا:
{وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} [الأنعام: 52].
ما للمحب سوى إرادة حُبِّه ... إنَّ المحبَّ بكلِّ بر يضرع