خزنةَ جهنمَ أنْ {ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْمًا مِّنَ الْعَذَابِ} [غافر: 49] فلم يجيبُوهم ما شاءَ اللَّهُ، ثُمَّ أجابُوهم بعدَ حينٍ وقالُوا لهُم: {فَادْعُوا وَمَا دُعَاء الْكَافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلالٍ} [غافر: 50] ثمَّ نادَوا: {يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ} [الزخرف: 77] فيسكُتُ عنهم مالكٌ، خازنُ جهنمَ، أربعينَ سنةً، ثمَّ أجابَهم: {إِنَّكُم مَّاكِثونَ} [الزخرف: 77] ثُمَّ نادَى الأشقياء ربَّهم: {قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتنَا} [المؤمنون: 106] الآيتين، فسكتَ عنهم مثلَ مقدارِ الدنيا، ثمَّ أجابَهم بعدُ: {اخْسَئوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمونِ} [المؤمنون: 108].

ورَوى صفوانُ بنُ عمرٍو، قال: سمعتُ أيفعَ بنَ عبدٍ الكُلاعي، يقولُ: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا دخلَ أهلُ الجنةِ الجنةَ، وأهلُ النَّارِ النارَ"، قالَ اللَهُ: يا أهلَ الجنةِ، {قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ (112) قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ} [المؤمنون: 112، 113] قال: نعم ما اتجرتُم في يوم أو بعضِ يوم رحمتي ورضواني وجنتي، امكُثوا فيها خالدين مخلدينَ، ثم يقولُ لأهلِ النَّارِ: {كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ (112) قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ} فيقول: بئسَ ما اتَجرتُم به في يوم أو بعضِ يومٍ، سخطِي، ومعصيتي، ونارِي، امكُثُوا فيها خالدين مخلدينَ، فيقولون: {رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ} [المؤمنون: 107] فيقولُ: {اخْسَئوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ} [المؤمنون: 108] فيكونُ ذلك آخرُ عهدهِم بكلام ربهم عزَّ وجل. خرَّجَه أبو نُعيمٍ (?)، وكذا رواه أيفعُ مرسلاً.

وقال أبو الزعْراءِ، عن ابنِ مسعودِ: إذا أرادَ اللَهُ أن لا يُخرِجَ منها أحدًا، غيرَ وجوهِهِم وألوانِهم، فيجيءُ الرجلُ من المؤمنين، فيشفعُ فيقولُ: يا ربِّ، فيقال: من عرف أحدًا فليخرجه، قَالَ: فيجيء الرجل من المؤمنين، فينظر فلا يعرف أحدًا، فيناديه الرجل فيقول: يا فلان أنا فلان، فيقول: ما أعرفك! قَالَ: فعند ذلك يَقُولُونَ في النار: {رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ} [المؤمنون: 107] فيقولُ عندَ ذلك: {اخْسَئُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ} [المؤمنون: 108]، فإذا قال ذلك أُطبِقَتْ عليهم، فلم يخْرجْ منهم أحدٌ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015