{وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ} [سبأ: 54] فعرفت أن أهل النار لا يشتهون شيئًا، شهوتهم الماء البارد، وقد قَالَ الله تعالى: {أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ} [الأعراف: 50].

وعن سلام بن أبي مطيع، قَالَ: أتي الحسن بكوز من ماء، ليفطر عليه، فلما أدناه إِلَى فيه بكى، وقال: ذكرت أمنية أهل النار وقولهم: {أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ} [الأعراف: 50] وذكرت ما أجيبوا به {إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ}.

وعن عبد الملك بن مروان، أنه شرب ماء باردًا، فقطعه ثم بكى، فقيل: له ما يبكيك يا أمير المؤمنين؟!

قَالَ: ذكرت شدة العطش يوم القيامة، وذكرت أهل النار وما منعوا من بارد الشراب، ثم قرأ: {يَتَجَرَّعُهُ وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُ} [إبراهيم: 17].

وروى عبد الله بن الإمام أحمد، بإسناده عن إبراهيم النخعي، قَالَ: ما قرأت هذه الآية إلاَّ ذكرت برد الشراب، وقرأ: {وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ} [سبأ: 54].

واستسقى محمد بن مصعب العابد ماء، فسمع صوت البراد، وقال لنفسه: من أين لك في النار براد؟ ثم قرأ: {وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ} [الكهف: 29].

***

طور بواسطة نورين ميديا © 2015