بعض الصالحات من السَّلف من عثرة عثرتها فضحكت وقالت: أنساني حلاوة ثوابه مرارة وجعه.
وقال بعض العارفين: من لم يعرف ثواب الأعمال ثَقُلت عليه في جميع الأحوال.
الثاني: تذكُّر ما أعده الله عز وجل لمن عصاه من العذاب بالبرد والزمهرير، فإن [شدة] (*) برد الدُّنْيَا يذكِّر بزمهرير جهنم، وفي الحديث الصحيح (?): "إن أشد ما تجدون من البرد من زمهرير جهنم".
فملاحظة هذا الألم الموعود يهون الإحساس بألم برد الماء، كما رُوي عن زبيد اليامي أنَّه قام ليلة للتهجد -[وكان] (*) البرد شديدًا- فلما أدخل يده في الإناء وجد شدة برده فذكر زمهرير جهنم فلم يشعر ببرد الماء بعد ذلك، وبقيت يده في الماء حتى أصبح، فقالت له جاريته: مالك لم تصل الليلة كما كنت تصلي؟!.
فَقَالَ: إني لما وجدت شدة برد الماء (ذكرتُ) (**) زمهرير جهنم فما شعرت به حتى أصبحت، فلا تخبري بهذا أحدًا ما دمت حيًّا.
الثالث: ملاحظة جلال من أمر بالوضوء، ومطالعة عظمته وكبريائه، وتذكُّر التهيؤ للقيام بين يديه ومناجاته في الصلاة (فذلك يهوِّن) ( ... ) كل ألم ينال العبدَ في طلب مرضاته من برد الماء وغيره، وربما لم يشعر بألمه بالكلية كما قال بعض العارفين: بالمعرفة هانت عَلَى العاملين العبادة.
قال سعيد بن عامر: بلغني أن إبراهيم الخليل عليه السلام كان إذا توضأ سُمع لعظامه قعقعة.