قوله: (أن كل ما صح من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وجب قبوله والعمل به وإن كان آحاداً في العقائد وغيرها).
الشرح: أي: أن كل ما ثبت من أقوال النبي صلى الله عليه وسلم وأفعاله وأحواله وتقريراته وسيرته فهو الدين ويجب قبوله والتسليم به.
أما التقييد بقولنا: (وإن كان آحاداً) فلأن بعض أهل الأهواء والبدع خاصة الذين عولوا على مصادر أخرى غير الكتاب والسنة وجدوا أن مبادئهم وأصولهم التي تقوم على التأويل والتعطيل تتصادم أحياناً مع بعض النصوص، فكان من حيلهم: أن زعموا أن كثيراً من النصوص التي تصادم أصولهم أحاديث آحاد، والمقصود بأحاديث الآحاد: التي يكون في سندها رجل واحد، كحديث: (إنما الأعمال بالنيات)، ومن المعلوم أن هذا التقييد باطل؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم بلغ الصحابة وكلهم ثقات، وهم بلغوا الدين، وقد رضي الله عنهم وبين أنهم عدول، وشهد لهم النبي صلى الله عليه وسلم بالعدالة، بل حملهم أمانة نقل الدين، فمن هنا لا بد أن نأخذ رواياتهم وإن كانت روايات آحاد ما دامت صحت عن الثقات؛ ولذلك فإن السنة أكثرها أحاديث الآحاد، بل إن النبي صلى الله عليه وسلم أقام الحجة على الأمم أكثرها بأفراد، ولعل من أوضح الشواهد على ذلك: أن الصحابة رضي الله عنهم لما بلغهم عن طريق أحد الصحابة أن القبلة صرفت من بيت المقدس إلى الكعبة انصرفوا جميعاً، مع أن الذي بلغهم رجل واحد من الصحابة، فانصرفوا إلى الكعبة وأقرهم النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك.
إذاً: الدين هو ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم سواء كان الراوي واحداً أو أكثر من واحد، خاصة إذا كان الراوي في أعلى الإسناد.