ثم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كذلك على ما توجبه الشريعة، وهو من القضايا الموجودة عند كل أمة، لكن بحسب القيم في الأمم، لأن بعض الأمم قيمها ضعيفة فلا تجد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عندها قوياً، وبعض الأمم قيمها قوية فتجد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر له مسمى آخر.
والآن قلَّ أن توجد دولة في العالم إلا وعندها (بوليس آداب)، ونحن عندنا مفهوم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أعظم وأتقن من مجرد (بوليس آداب)، بأنه رقابة في ضمير كل مسلم.
فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على ما توجبه الشريعة بقواعد الشرع من أعظم شعائر الإسلام إذا توافرت شروطه وأحكامه، وهو من أسباب حفظ جماعة المسلمين، بل إن وجود الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عند بعض بلاد المسلمين هو من أسباب دفع البلاء عنها.
ومن ضوابط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: أن يكون بفقه، وأن يكون برفق، وأن يكون بحكمة، وأن يكون بالنصح، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر منه ما هو واجب على ولي الأمر، وكثير من صور إنكار المنكرات بالقوة لا تكون إلا للدولة، إما بالحبس والتعزير وغيرها لا تكون إلا للدولة وللقضاء الشرعي.
وهناك صور من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجبة على كل مسلم بحسبه، ولذلك فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الحديث الذي يدل على العموم: (من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه)، وهذا فيه صيغة عموم، لكن كل إنسان بقدره وبفقهه وباستطاعته، ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها.