وقوله: (الصلاة والحج والجهاد واجبة مع أئمة المسلمين وإن جاروا).
الصلاة من أعظم شعائر الإسلام الظاهرة، وكذلك الحج وهو ركن الإسلام، والجهاد وهو ذروة سنام الإسلام؛ كل هذه من أصول الدين الواجبة مع سلاطين المسلمين، ومع أمراء المسلمين، أبراراً كانوا أو فجاراً، وهذه وصية الله، وهي أيضاً نهج رسوله صلى الله عليه وسلم وما أوصى به.
وقد يقول قائل: لكن كيف نصلي ونحج ونجاهد مع الولاة غير الصالحين، ومع الفجار والظلمة؟ ونقول: لأنه قد ينصر الله بهم الدين وإن كان فيهم ظلم، وكونهم وقعوا في مثل هذه الأخطاء الكبيرة لا يعني أنه لا يجوز طاعتهم؛ لأن طاعتهم لمقامهم لا لأشخاصهم، المقام الذي تسلموه وهو قيادة الأمة، وحفظ كيانها، وحفظ أمنها الذي لا تقوم مصالح الأمة إلا به، فدين المسلمين ودماؤهم وأعراضهم وأموالهم وحرياتهم لا يمكن أن تستقيم إلا بسلطان، براً كان أو فاجراً.
فإذا أقام الإمام الصلاة نصلي خلفه، وإذا حج نحج معه، وإذا جاهد نجاهد معه؛ لأن هذا مما يحفظ كيان الدين والأمة، وذنبه عليه، لكن مع استمرار النصح له.
وهذه -مهما كان الأمر ومهما اختلفنا عليه- وصية من الناصح الأمين، وهي أثمن وصية من النبي صلى الله عليه وسلم.