المسألة الرابعة: الاستثناء في الإيمان، وهذه مسألة قل أن يحتاجها المسلم الذي يأخذ دينه بمقتضى الفطرة، إنما هي مسألة نشأت من وجود أناس لما حصروا الإيمان في القلب وزعموا أنه لا يجوز أن يستثني المسلم فيه؛ لأنه ما دام يشعر باليقين، فلا داعٍ لأن يقول: أنا مؤمن إن شاء الله، وهذا ليس هو المقصود بالاستثناء، فنحن حين نستثني لا نستثني ما ندركه ونشعر به؛ لأن كل مسلم حين يسأل عن إيمانه يقول: أنا مؤمن؛ لأنه يسأل من يصدّق، وعلى هذا فلا يستثني هذا الأمر، إنما يستثني المآل والمصير الذي ينتهي إليه، ومن باب التفاؤل يقول: أنا مؤمن إن شاء الله، وأرجو أن الله يثبتك على الإيمان، ويستثني لئلا يتألى على الله ولا يزكي نفسه، لا لأنه يستثني ما يشعر به الآن، فما تشعر به الآن من اليقين والتصديق فعبّر عنه بدون ما تقيده بالمشيئة، لكن تعليق الإيمان بمشيئة الله متعلق بمستقبل الأمر، وبمصير الإنسان ومآله بما يموت عليه، فلذلك ينبغي له أن لا يتألى على الله ولا يصيبه الغرور، فيرجع الأمور إلى مشيئة الله، وهذا تفويض لله عز وجل ويدل على قوة الإيمان، ولا يدل على التشكيك كما يزعمون أن الاستثناء في الإيمان يدل على التشكيك.