قال المؤلف حفظه الله تعالى: [سابعاً: لا يعلم الغيب إلا الله وحده، واعتقاد أن أحداً غير الله يعلم الغيب كفر، مع الإيمان بأن الله يُطْلِع بعض رسله على شيء من الغيب].
الغيب المقصود به: هو المغيب عن المخاطبين، والمخاطبون أصناف: منهم: الملائكة، فهؤلاء أطلعهم الله سبحانه على غيب غيبه عن الجن والإنس، وهناك شيء من الغيب لم يطلع عليه حتى الملائكة، فهذا لا يمكن أن يدعي أحد أن الملائكة تطلع عليه، ومن ادعى ذلك فقد وقع في الإخلال بهذه القاعدة.
ومنهم: الجن والشياطين، نظراً لأنهم خلق آخر قد يطلعون على أمور مغيبة لا يعلمها الإنس، فهذا ليس غيباً في حقهم لكنه غيب عن الإنس، ولذلك قد يرد إلى الإنس من خلال منافذ: إما كرامات وإما خوارق وإما سحر وإما كهانة؛ وهذا لم يعد من الغيب البحت.
أيضاً: المغيب عن الإنس قد يغيب عن بعضهم شيء ولا يغيب عن آخر؛ فهذا لا يدخل في الغيب، فمثلاً: العالم الذي اكتشف بالعلم الحديث أو غيره من الأمور الغائبة عن الآخرين، فما علمه صار من عالم الشهادة، ولو كان غائباً عني، ولا يدخل في عالم الغيب الذي اختصه الله لنفسه؛ لأن الغيب الذي اختصه الله لنفسه هو ما غاب عن الخلق أو عن بعض الخلق، فما غيبه الله عن الخلق أو عن بعضهم فهو بالنسبة لهم غيب، ولا يجوز أن ندعيه لأحد، وعلى هذا فمن ادعى أن أحداً يعلم الغيب غير الله؛ فقد ضل ضلالاً مبيناً.
مع الاعتقاد أن الله عز وجل قد يطلع بعض عباده على شيء من الغيب، وهذا لم يعُدْ غيباً بالنسبة لهم، فما أطلع الله عليه الملائكة فهو لم يعد غيباً بالنسبة لهم، وما أطلع الله عليه بعض الرسل لم يعد غيباً بالنسبة لهم؛ ولذلك أطلع الله عز وجل نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم على أمور كثيرة من الغيب هي لا تزال غيباً في حقنا، لكنها ليست غيباً في حق الرسول صلى الله عليه وسلم، فإذا ادعيناها للنبي صلى الله عليه وسلم بنص فهذا ليس من الأمور المنكرة، فالنبي صلى الله عليه وسلم أطلعه الله على المنافقين الخلَّص، وهذا غيب بالنسبة لنا، لكن الله أطلعه عليه؛ فلم يعد من الغيب المغيب عنه.
فالغيب هو ما ثبت أنه مغيب عن الخلق أو بعض الخلق؛ فهذا لا يجوز أن ندعيه لأحد، ومن ادعى أنه يعلمه كما يكون من بعض الكهان والمنجمين؛ فقد كفر.