مجمع الضمانات (صفحة 394)

قَالَ: الدُّخُولُ فِي الْوَصِيَّةِ أَوَّلُهُ غَلَطٌ، وَالثَّانِيَةُ خِيَانَةٌ، وَعَنْ غَيْرِهِ، وَالثَّالِثَةُ سَرِقَةٌ، وَعَنْ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ لَوْ كَانَ الْوَصِيُّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ لَا يَنْجُو عَنْ الضَّمَانِ.

وَعَنْ الشَّافِعِيِّ لَا يَدْخُلُ فِي الْوَصِيَّةِ إلَّا أَحْمَقُ أَوْ لِصٌّ.

ثُمَّ لِلْمُوصَى أَنْ يُودِعَ مَالَ الْيَتِيمِ وَيُبْضِعَ وَيَتَّجِرَ بِمَالِ الْيَتِيمِ لِلْيَتِيمِ وَيَدْفَعَ مُضَارَبَةً وَلَهُ أَنْ يَفْعَلَ كُلَّ مَا كَانَ فِيهِ خَيْرٌ لِلْيَتِيمِ، وَكَذَا الْأَبُ، وَإِذَا بَلَغَ الصَّغِيرُ، وَطَلَبَ مَالَهُ مِنْ الْوَصِيِّ فَقَالَ الْوَصِيُّ: ضَاعَ مِنِّي كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ مَعَ يَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ فَإِنْ قَالَ: أَنْفَقْت مَا لَك عَلَيْك يُصَدَّقُ فِي نَفَقَةِ مِثْلِهِ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ، وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِيمَا يُكَذِّبُهُ الظَّاهِرُ.

وَإِذَا اخْتَلَفَا فِي الْمُدَّةِ فَقَالَ الْوَصِيُّ: مَاتَ أَبُوك مُنْذُ عَشْرِ سِنِينَ وَقَالَ الْيَتِيمُ: مَاتَ مُنْذُ خَمْسِ سِنِينَ ذَكَرَ فِي الْكِتَابِ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الِابْنِ وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ: الْمَذْكُورُ فِي الْكِتَابِ قَوْلُ مُحَمَّدٍ أَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَصِيِّ، وَهَذِهِ أَرْبَعُ مَسَائِلَ إحْدَاهَا: هَذِهِ.

وَالثَّانِيَةُ: إذَا ادَّعَى الْوَصِيُّ أَنَّ الْمَيِّتَ تَرَكَ رَقِيقًا فَأَنْفَقْت عَلَيْهِ إلَى وَقْتِ كَذَا ثُمَّ مَاتُوا وَكَذَّبَهُ الِابْنُ قَالَ مُحَمَّدٌ وَالْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ: إنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الِابْنِ.

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: الْقَوْلُ قَوْلُ الْوَصِيِّ، وَأَجْمَعُوا أَنَّ الْعَبِيدَ لَوْ كَانُوا أَحْيَاءً كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْوَصِيِّ.

وَالْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: إذَا ادَّعَى الْوَصِيُّ أَنَّ غُلَامًا لِلْيَتِيمِ أَبَقَ فَجَاءَ بِهِ رَجُلٌ فَأَعْطَى جَعَلَهُ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا، وَالِابْنُ يُنْكِرُ الْإِبَاقَ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْوَصِيِّ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ، وَفِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ وَالْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ: الْقَوْلُ قَوْلُ الِابْنِ إلَّا أَنْ يَأْتِيَ الْوَصِيُّ بِبَيِّنَةٍ عَلَى مَا ادَّعَى، وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْوَصِيَّ لَوْ قَالَ: اسْتَأْجَرْت رَجُلًا لَيَرُدَّهُ فَإِنَّهُ يَكُونُ مُصَدَّقًا.

وَالْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: إذَا قَالَ الْوَصِيُّ: أَدَّيْت خَرَاجَ أَرْضِك عَشْرَ سِنِينَ مُنْذُ مَاتَ أَبُوك كُلَّ سَنَةٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَقَالَ الْيَتِيمُ إنَّمَا مَاتَ أَبِي مُنْذُ خَمْسِ سِنِينَ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الِابْنِ فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّ يَدَّعِي تَارِيخًا سَابِقًا وَهُوَ يُنْكِرُ وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ: الْقَوْلُ قَوْلُ الْوَصِيّ؛ لِأَنَّ الْيَتِيمَ يَدَّعِي عَلَيْهِ وُجُوبَ تَسْلِيمِ الْمَالِ، وَهُوَ يُنْكِرُ فَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ وَإِنْ قَالَ الْوَصِيُّ: فَرَضَ الْقَاضِي لِأَخِيك الزَّمِنِ نَفَقَةً فِي مَالِكَ كُلَّ شَهْرٍ كَذَا فَأَدَّيْت إلَيْهِ لِكُلِّ شَهْرٍ مُنْذُ عَشْر سِنِينَ، وَكَذَّبَهُ الِابْنُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْوَصِيِّ عِنْدَ الْكُلِّ وَيَكُونُ ضَامِنًا.

الْوَصِيُّ إذَا بَاعَ شَيْئًا مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ نَسِيئَةً فَإِنْ كَانَ يَتَضَرَّرُ بِهِ الْيَتِيمُ بِأَنْ كَانَ الْأَجَلُ فَاحِشًا لَا يَجُوزُ، وَلَا يَمْلِكُ الْوَصِيُّ إقْرَاضَ مَالِ الْيَتِيمِ، فَإِنْ أَقْرَضَ كَانَ ضَامِنًا، وَالْقَاضِي يَمْلِكُ الْإِقْرَاضَ، وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِي الْأَبِ لِاخْتِلَافِ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْأَبَ بِمَنْزِلَةِ الْوَصِيِّ لَا بِمَنْزِلَةِ الْقَاضِي فَلَوْ أَخَذَ الْوَصِيُّ مَالَ الْيَتِيمِ قَرْضًا لِنَفْسِهِ لَا يَجُوزُ، وَيَكُونُ دَيْنًا عَلَيْهِ.

وَعَنْ مُحَمَّدٍ: وَلَيْسَ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَسْتَقْرِضَ مَالَ الْيَتِيمِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَقَالَ مُحَمَّدٌ: وَأَمَّا أَنَا أَرْجُو أَنَّهُ لَوْ فَعَلَ ذَلِكَ، وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى الْقَضَاءِ لَا بَأْسَ بِهِ.

وَلَوْ رَهَنَ الْوَصِيُّ أَوْ الْأَبُ مَالَ الْيَتِيمِ بِدَيْنِ نَفْسِهِ فِي الْقِيَاسِ: لَا يَجُوزُ، وَيَجُوزُ اسْتِحْسَانًا.

وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ أَخَذَ بِالْقِيَاسِ، وَلَوْ قَضَى الْوَصِيُّ دُيُونَ نَفْسِهِ بِمَالِ الْيَتِيمِ لَا يَجُوزُ، وَلَوْ فَعَلَ الْأَبُ ذَلِكَ جَازَ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّ لَا يَمْلِكُ أَنْ يَشْتَرِيَ مَالَ الْيَتِيمِ لِنَفْسِهِ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ، وَالْأَبُ يَمْلِكُ، وَالرَّهْنُ بِمَنْزِلَةِ الْقَضَاءِ.

وَلَوْ قَضَى الْأَبُ دَيْنَ نَفْسِهِ بِمَالِ الْيَتِيمِ جَازَ، وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ لِلْوَصِيِّ، وَكَذَلِكَ الرَّهْنُ، وَذَكَرَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ: إذَا رَهَنَ الْأَبُ مَالَ وَلَدِهِ الصَّغِيرِ بِدَيْنِ نَفْسِهِ، وَقِيمَةُ الرَّهْنِ أَكْثَرُ مِنْ الدَّيْنِ فَهَلَكَ الرَّهْنُ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015