قَالَ: ابْنَةٌ لي.
فقُلْتُ: إنِّي أَشْتَرِيهَا مِنْكَ.
قَالَ: يَا أَخَا بَنِي تَمِيمٍ، أَتَقُولُ: أَتَبِيعُ ابْنَتَكَ، وَقَدْ أَخْبَرْتُكَ أَنِّي رَجُلٌ مِنَ الْعَرَبِ مِنْ مُضَر؟
فَقُلْتُ: إنِّي لاَ أَشْتَرِي مِنْكَ رَقَبَتَها، إنمَّا أَشْتَرِي رُوحَهَا: أَنْ لاَ تَقْتُلَهَا.
قَالَ: بِمَ تَشْتَرِيهَا؟.
قُلْتُ: بِنَاقَتيَّ هَاتَيْنِ وَوَلَدَيْهِمَا.
قَالَ: وَتَزِيدُنِي بَعِيرَكَ هذَا.
قُلْتُ: نَعَمْ، عَلَى أَن تُرْسِلَ مَعِي رَسُولاً، فَإِذَا بَلَغْتْ إلى أَهْلِي رَدَدْتُ إلَيْكَ الْبَعِيرَ، فَفَعَلَ. فَلَمَّا بَلَغْتُ أَهِلِي، رَدَدْتُ إلَيْهِ الْبَعِيرَ، فَلَمَّا كَانَ في بَعْضَ اللَّيْلِ، فَكَّرْتُ في نَفْسِي أَنَّ هذِهِ مَكْرُمَةٌ مَا سَبَقَنِي إلَيْهَا أَحَدٌ مِنَ الْعَرَب، وَظَهَرَ الإسْلاَمُ، وَقَدْ أَحْيَيْتُ ثَلاَثَ مِئَةٍ وَسِتِّينَ مَوْؤُودَةً أَشْتَرِي كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ بِنَاقَتَيْنِ عَشْرَاوينِ وَجَمَلٍ، فَهَلْ لِي في ذَلِكَ مِنْ أَجْرٍ؟.
فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "لَكَ أَجْرٌ إذْ مَنَّ الله عَلَيْكَ بِالإسْلاَمِ".
قَالَ عَبَّادٌ: وَمِصْدَاقُ قَوْلِ صَعْصَعَةَ، قَوْلُ الْفَرَزْدَقِ:
وَجَدِّي الَّذِي مَنَعَ الْوَائِدَاتِ ... فَأَحْيَا الْوَثِيدَ فَلَمْ يُوْءَدِ (?)