بَعْدَمَا افْتَقَرَ وَكَبِرَ فَقَالَ: أُذَكِّرُكَ اللَّهَ فِي أَجْرِي، فَأَنَا أَحْوَجُ مَا كُنْتُ إِلَيْهِ، فَانْطَلَقْتُ فَوْقَ بَيْتٍ، فَأَرَيْتُهُ مَا أَنْمَى اللَّهُ لَهُ مِنْ أَجْرِهِ فِي الْمَالِ وَالْمَاشِيَةِ فِي الْغَائِطِ - يَعْنِي فِي الصَّحَارَى - فَقُلْتُ: هَذَا لَكَ. فَقَالَ: لِمَ تَسْخَرُ بِي أَصْلَحَكَ اللَّهُ؟ كُنْتُ أُرِيدُكَ عَلَى أَقَلِّ مِنْ هَذَا فَتَأْبَى عَلَيَّ. فَدَفَعْتُ إِلَيْهِ يَا رَبِّ مِنْ مَخَافَتِكَ وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِكَ، فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ ذَلِكَ فَفَرِّجْ عَنَّا. فَانْصَدَعَ الْجَبَلُ عَنْهُمْ، وَلَمْ يَسْتَطِيعُوا أَنْ يَخْرُجُوا. وَقَالَ الثَّالِثُ: يَا رَبِّ، كَانَ لِي أَبَوَانِ كَبِيرَانِ فَقِيرَانِ، لَيْسَ لَهُمَا خَادِمٌ وَلَا رَاعٍ وَلَا وَالٍ غَيْرِي، أَرْعَى لَهُمَا بِالنَّهَارِ، وَآوِي إِلَيْهِمَا بِاللَّيْلِ، وَإِنَّ الْكَلَأَ تَبَاعَدَ فَتَبَاعَدْتُ بِالْمَاشِيَةِ، فَأَتَيْتُهُمَا - يَعْنِي لَيْلَةً - بَعْدَمَا ذَهَبَ مِنَ اللَّيْلِ وَنَامَا، فَحَلَبْتُ يَعْنِي فِي الْإِنَاءِ، ثُمَّ جَلَسْتُ عِنْدَ رُءُوسِهِمَا - يَعْنِي بِالْإِنَاءِ - كَرَاهِيَةَ أَنْ أُوقِظَهُمَا حَتَّى يَسْتَيْقِظَا مِنْ قِبَلِ أَنْفُسِهِمَا، اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ مِنْ مَخَافَتِكَ وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِكَ فَفَرِّجْ عَنَّا. فَانْصَدَعَ الْجَبَلُ وَخَرَجُوا».

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

13416 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «بَيْنَا نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذْ طَلَعَ عَلَيْنَا شَابٌّ مِنْ ثَنِيَّةٍ، فَلَمَّا دَنَا مِنَّا قُلْنَا: لَوْ أَنَّ هَذَا الشَّابَّ جَعَلَ قُوَّتَهُ وَشَبَابَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ. فَسَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَقَالَتَنَا فَقَالَ: " أَمَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ قُتِلَ؟! مَنْ سَعَى عَلَى وَالِدَيْهِ فَفِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَمَنْ سَعَى لِيُكَاثِرَ فَفِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ».

رَوَاهُ الْبَزَّارُ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ بِنَحْوِهِ وَزَادَ: " «وَمَنْ سَعَى عَلَى عِيَالِهِ فَفِي سَبِيلِ اللَّهِ» ". وَفِيهِ رَبَاحُ بْنُ عُمَرَ وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ وَضَعَّفَهُ غَيْرُهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

[بَابُ صِلَةِ الْوَالِدِ الْمُشْرِكِ]

13417 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ «أَنَّ قُتَيْلَةَ بِنْتَ عَبْدِ الْعُزَّى أَرْسَلَتْ إِلَى ابْنَتِهَا أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ - وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ طَلَّقَهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ - فَأَرْسَلَتْ بِهَدَايَا فِيهَا أَقِطٌ وَسَمْنٌ، فَأَبَتْ أَنْ تَقْبَلَ هَدِيَّتَهَا وَتُدْخِلَهَا بَيْتَهَا، فَأَرْسَلَتْ إِلَى عَائِشَةَ لِتَسْأَلَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " لِتُدْخِلْهَا بَيْتَهَا وَلْتَقْبَلْ هَدِيَّتَهَا ". وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ} [الممتحنة: 8]» الْآيَةَ.

رَوَاهُ أَحْمَدُ بِنَحْوِهِ وَالْبَزَّارُ وَاللَّفْظُ لَهُ، وَفِيهِ مُصْعَبُ بْنُ ثَابِتٍ وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَضَعَّفَهُ جَمَاعَةٌ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِمَا ثِقَاتٌ.

13418 - وَعَنْ عَائِشَةَ وَأَسْمَاءَ أَنَّهُمَا قَالَتَا: «قَدِمَتْ عَلَيْنَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015