هَذِهِ الدَّارَ فَجُعِلَتْ حَمَّامًا أَوْ مَسْجِدًا أَوْ بُسْتَانًا، ثُمَّ انْهَدَمَتْ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ فَدَخَلَ الْعَرْصَةَ لَا يَحْنَثُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ اسْمَ الدَّارِ قَدْ زَالَ بِالْكُلِّيَّةِ بِاعْتِرَاضِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ عَلَيْهَا وَبِانْهِدَامِهَا لَا يَعُودُ اسْمُ الدَّارِ، وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ هَذَا الْمَسْجِدَ فَهُدِمَ، ثُمَّ بُنِيَ مَسْجِدٌ آخَرُ أَوْ لَا يَدْخُلُ هَذَا الْفُسْطَاطَ فَنُقِضَ وَضُرِبَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ فَدَخَلَهُ حَنِثَ لِعَدَمِ اعْتِرَاضِ اسْمٍ آخَرَ عَلَيْهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ حَلَفَ لَا يَكْتُبُ بِهَذَا الْقَلَمِ فَكَسَرَهُ، ثُمَّ بَرَّاهُ فَكَتَبَ بِهِ كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ، وَفِي إضَافَةِ الْهَدْمِ إلَى الْحَمَّامِ مَعَ كَوْنِ الْمَسْجِدِ يُذْكَرُ مُقَدَّمًا فِي الْأُولَى رِعَايَةُ أَمْرٍ حَسَنٍ كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ.
(وَفِي لَا يَدْخُلُ هَذَا الْبَيْتَ فَدَخَلَهُ بَعْدَمَا انْهَدَمَ) الْبَيْتُ (وَصَارَ صَحْرَاءَ أَوْ بَعْدَمَا بَنَى بَيْتًا آخَرَ لَا يَحْنَثُ) لِزَوَالِ اسْمِ الْبَيْتِ بَعْدَ الِانْهِدَامِ فَإِنَّهُ لَا يُبَاتُ فِيهِ (بِخِلَافٍ مِمَّا لَوْ سَقَطَ السَّقْفُ وَبَقِيَ الْجُدْرَانُ) فَإِنَّهُ يَحْنَثُ؛ لِأَنَّ السَّقْفَ صِفَةُ الْكَمَالِ فِيهِ إذْ الْبَيْتُوتَةُ تَحْصُلُ عِنْدَ عَدَمِهِ فَصَارَ السَّقْفُ فِي الْبَيْتِ كَأَصْلِ الْبِنَاءِ فِي الدَّارِ.
وَفِي الْوَجِيزِ لَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ بَيْتًا فَدَخَلَ بَيْتًا لَا سَقْفَ لَهُ لَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّ الْبِنَاءَ وَصْفٌ، وَالْوَصْفُ فِي الْغَائِبِ مُعْتَبَرٌ (وَفِي لَا يَدْخُلُ هَذِهِ الدَّارَ، وَهُوَ) أَيْ، وَالْحَالُ أَنَّ الْحَالِفَ (فِيهَا) أَيْ فِي الدَّارِ (لَا يَحْنَثُ) اسْتِحْسَانًا (مَا لَمْ يَخْرُجْ، ثُمَّ يَدْخُلْ) ، وَالْقِيَاسُ أَنْ يَحْنَثَ تَنْزِيلًا لِلْبَقَاءِ مَنْزِلَةَ الِابْتِدَاءِ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَوَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ الدُّخُولَ هُوَ الِانْفِصَالُ مِنْ الْخَارِجِ إلَى الدَّاخِلِ، وَهَذَا الْفِعْلُ مِمَّا لَا يَمْتَدُّ فَلَا يُقَالُ دَخَلَ يَوْمًا، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ مُمْتَدًّا لَا يَكُونُ بَقَاؤُهُ كَابْتِدَائِهِ، وَنَظِيرُهُ لَا يَخْرُجُ، وَهُوَ خَارِجٌ لَا يَحْنَثُ حَتَّى يَدْخُلَ وَيَخْرُجَ، وَكَذَا لَا يَتَزَوَّجُ، وَهُوَ مُتَزَوِّجٌ، وَلَا يَتَطَهَّرُ، وَهُوَ مُتَطَهِّرٌ فَاسْتَدَامَ الطَّهَارَةَ وَالنِّكَاحَ لَا يَحْنَثُ كَمَا فِي الْفَتْحِ.
(وَفِي لَا يَلْبَسُ هَذَا الثَّوْبَ، وَهُوَ) أَيْ، وَالْحَالُ أَنَّ الْحَالِفَ (لَابِسُهُ أَوْ لَا يَرْكَبُ هَذِهِ الدَّابَّةَ، وَهُوَ رَاكِبُهَا أَوْ لَا يَسْكُنُ هَذِهِ الدَّارَ، وَهُوَ سَاكِنُهَا) ، ثُمَّ شَرَعَ فِي النَّشْرِ عَلَى التَّرْتِيبِ فَقَالَ (إنْ أَخَذَ) أَيْ شَرَعَ الْحَالِفُ (فِي النَّزْعِ) أَيْ نَزْعِ الثَّوْبِ (وَالنُّزُولِ) مِنْ الدَّابَّةِ (وَالنُّقْلَةِ) بِالضَّمِّ، وَالسُّكُونِ اسْمٌ لَا مَصْدَرٌ أَيْ انْتِقَالُهُ مِنْ بَابِ الدَّارِ (مِنْ غَيْرِ لُبْثٍ) مُتَعَلِّقٌ لِلْجَمِيعِ (لَا يَحْنَثُ) وَقَالَ زُفَرُ يَحْنَثُ لِوُجُودِ الشَّرْطِ، وَإِنْ قَلَّ قُلْنَا الْيَمِينُ شُرِعَتْ لِلْبِرِّ فَزَمَانُ تَحْصِيلِ الْبِرِّ مُسْتَثْنًى (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَأْخُذْ فِي النَّزْعِ، وَالنُّزُولِ وَالنُّقْلَةِ وَلَبِثَ عَلَى حَالِهِ سَاعَةً (حَنِثَ) ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَفْعَالَ مِمَّا تَمْتَدُّ وَيُضْرَبُ لَهَا آجَالٌ وَيُقَالُ لَبِثْت يَوْمًا وَرَكِبْت يَوْمًا وَسَكَنْت شَهْرًا فَأَعْطَى لِبَقَائِهَا حُكْمَ ابْتِدَائِهَا، وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ كُلَّمَا رَكِبْت فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَهُوَ رَاكِبٌ فَمَكَثَ ثَلَاثَ سَاعَاتٍ طَلُقَتْ ثَلَاثًا فِي كُلِّ سَاعَةٍ طَلْقَةً بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ رَاكِبًا فَرَكِبَ فَإِنَّهَا تَطْلُقُ وَاحِدَةً وَلَا تَطْلُقُ بِالِاسْتِمْرَارِ.
وَفِي الْبَحْرِ تَفْصِيلٌ فَلْيُرَاجَعْ (ثُمَّ فِي لَا يَسْكُنُ هَذَا الْبَيْتَ أَوْ هَذِهِ الدَّارَ لَا بُدَّ مِنْ خُرُوجِهِ بِجَمِيعِ أَهْلِهِ) بِالِاتِّفَاقِ إلَّا أَنْ يَمْنَعَ مَانِعٌ مِنْهُ كَمَا لَوْ أَبَتْ الْمَرْأَةُ أَنْ تَنْتَقِلَ وَغَلَبَتْهُ وَخَرَجَ هُوَ وَلَمْ يُرِدْ الْعَوْدَ فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ (وَمَتَاعِهِ حَتَّى