ظاهر فيما يقوله في أثناء التراجم من استرفاده واستعانته واعتفائه؛ ولا أخشى أن أقول: من استجدائه الأدبيّ.
وقد توفّي نصير الدين الطوسيّ، شيخ ابن الفوطيّ والحفيّ به والمفضّل عليه سنة «672 هـ» وبقي بعده «المجمع العلمي» الذي سمّيناه دار العلم والحكمة، والرّصد اللّذان أنشأهما بمراغة على أحسن أحوالهما في رعاية أبناء له ثلاثة فضلاء وجهاء، هم صدر الدين علي، وأصيل الدين حسن، وفخر الدين أحمد، وقد ولي أحمد بعد أبيه غالب مناصبه، وبقي ابن الفوطيّ على خزنه بخزانة كتب الرّصد؛ فكان بيده مفتاح الرّصد أيضا، ولبث في كنفهم ورعايتهم، وقد ألّف بمراغة فيما ألّف كتاب «تذكرة الرّصد».وسمّاه في موضع آخر «كتاب من قصد الرّصد»؛ وروى عن الزوّار نثرا وشعرا في مقاصد مختلفة، وأتقن اللغة الفارسية ليستطيع العيش في بلاد الفرس، ويعايش زوجته الفارسية اللغة، كما هو الظاهر وقرأ دواوين المشهورين من الشعراء الفرس ونثّارهم؛ كديوان المعزّي، والعنصريّ، واللاّمعيّ، وأشعار أحمد ابن نيّال المراغي ورسائله الفارسية؛ فضلا عن دواوين لشعراء عرب ورسائل لنثّار من نثّارهم. وقد ألّف مجموعا أدبيّا بالفارسية، ومدح رجالا بأنّهم يحسنون الفارسية، وفي ذلك دلالة على علمه بها.
وقد سمع ابن الفوطيّ في بلاد العجم، في كينونته الاولى بها، طائفة من شيوخ الحديث، وأهل الأدب والشعراء. وضمّن مشيخته للمحدّثين ما أشرنا اليه آنفا من تقييد الوفيّات بالمواليد، وإثبات الأحاديث والفوائد والأناشيد.
فممّن استجازهم لنفسه من أشهر المشاهير «سعدي» الشاعر الفارسيّ الكبير الشهير، صاحب الديوان المعروف، ومؤلّف «كلستان (?)» أي روضة الورد