إقامته في مراغة وتكوّن ثقافته وعائلته

باشر ابن الفوطي الخزن بخزانة كتب الرصد بمراغة؛ وطالع كثيرا من كتبها على اختلاف أنواعها وموضوعاتها، وجمع منها مجاميع، واقتبس، وصنّف، وألّف، واستخلص لنفسه منها، ونسخ لغيره توريقا، واتّصل بفئات من العلماء والادباء وأرباب الفنّ وأهل السياسة، على تباين أجيالهم واختلاف بلادهم ومللهم؛ فاتّسعت ثقافته العلمية، وثقافته الأدبية، وثقافته الاجتماعية. وخرج من الدائرة الضيّقة التي كان فيها ناشئا، وسلخ صباه عليها، وقضى عنفوان شبابه بها. ورأى في مراغة - وهي يومئذ عاصمة الدولة الايلخانية - ما لم يره في مدينة اخرى سوى بغداد، من مظاهر التمدّن، ومجامع العلماء، وزمر الواردين من طلاّب العلم، وروّاد الجاه، وخطّاب الولاية والإمارة والوزارة، وعبّاد الملك والمناصب، والمعتفين والمسترفدين والشاكرين والشاكين. فضلا عن رخاء العيش وهناءته والرفهنية والدّرز للذين لا يزاولون الحرب والسياسة بأنواعها.

وتزوّج ابن الفوطيّ بمراغة زوجا لمّا أقف على جيلها ولا على مذهبها. إلاّ أنّ الغالب على الظنّ أنّها كانت حنبليّة المذهب مثله؛ فولدت له - أو اخرى غيرها وهو الظاهر - من الذكور أبا المعالي محمّدا (?) وأبا سهل؛ ولم أقف على غير

طور بواسطة نورين ميديا © 2015