تنظيم النسل ورأي الدين فيه
إعداد
الدكتور/ محمد سيد طنطاوي
مفتي الديار المصرية
بسم الله الرحمن الرحيم
مسألة تنظيم الأسرة من المسائل التي اهتم بها كثير من الدول والهيئات وكتبت فيها عشرات البحوث والمقالات والكتب قديما وحديثا:
وقبل أن نبدأ في الحديث عن هذه المسألة من الناحية الدينية نحب أن نتفق على الحقائق التالية لأن تحرير موضع النزاع يعين على حسن الاقتناع وهذه الحقائق هي:
1- أن الأديان السماوية أنزلها الله تعالى لسعادة البشر ولهدايتهم إلى الصراط المستقيم ولغرس المعاني الفاضلة في نفوسهم. وأن الكتب التي أنزلها – سبحانه – على أنبيائه، قد قررت هذه الحقيقة، ومن ذلك قوله تعالى: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ (2) نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ (3) مِنْ قَبْلُ هُدًى لِلنَّاسِ وَأَنْزَلَ الْفُرْقَانَ} [آل عمران: الآيات 2-4] .
وقوله سبحانه: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ} [سورة إبراهيم:الآية 1] .
2- أن الكلام في الأمور الدينية بصفة خاصة، وفي غيرها بصفة عامة يجب أن يكون مبنيا على العلم الصحيح، والفهم السليم، والدراية الواسعة الواعية لأصول الدين وفروعه ولمقاصده وأهدافه وأحكامه. وأن يكون ذلك لحمته وسداه: الأمانة والصدق وخدمة الحق والعدل والتنزه عن الأحقاد والأطماع والبعد عن المآرب والأهواء والترفع عن النفاق وكتمان الحق، وقال – تعالى:
{وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ} [النحل: 116] .
وقال سبحانه: {وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [المائدة: 8] .
وقال عز وجل: {وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [الأنبياء: 7] .