وإننا الساعة في هذا الإطار الديني والروحي، والخلقي والعلمي، الذي شعت أنواره وعمت آلاؤه. وبهذه البقعة الزاهية النضراء من أرض الكويت، نجتمع ممثلين لدولنا التي ورد على لسان سموكم – حفظكم الله – التنويه بشرفها وعظيم خطرها حين وصفتم الموقع الذي يجمعها بأنه يجعل منها قارة إسلامية وسط العالم القديم. ويحقق لأبناءها وجودا إيجابيا في قارات الأرض جميعا، وإنها لمقولة شريفة تذكر بالوسطية وبالدور الذي على المسلمين القيام به، وكأنها تلفت النظر إلى مزيد من التدبر لقول الله عز وجل: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} [البقرة: 143] . وإلى وجوب الحرص على العمل بما استودعته هذه الآية الكريمة من حكم وأسرار.
ويسعدني في هذه الجلسة الافتتاحية أن أعرض على حضراتكم مجمل نشاط المجمع، ففيما بين الدورة الثانية التي انعقدت لمؤتمركم الموقر بجدة في ربيع الثاني 1406هـ باستضافة كريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز أعزه الله ونصره وبين هذه الدورة الخامسة التي تجمعنا اليوم طرح على المجمع ثلاثة وعشرون موضوعا دينيا واجتماعيا واقتصاديا، كما قدم إليه ما لا يقل عن ستين ومائة بحث ودراسة ومجموعة من الوثائق من أوراق وقرارات علمية في نفس الموضوعات، وتولى مجلسكم الموقر مناقشتها كلها وأصدر بشأنها تسعة وعشرين قرارا مجمعيا فقهيا وثلاثا وعشرين توصية، وفي هذه الدورة يعرض على سامي نظركم نحو خمسين بحثا حول عشرة موضوعات تتبعها كالعادة مناقشات تتلوها بإذن الله قرارات وتوصيات.
وقد قرر المجمع عقد ندوتين: الأولى عن سندات المقارضة قام بها بالتعاون مع معهد البحوث والتدريب التابع للبنك الإسلامي للتنمية، والثانية عن الأسواق المالية أرجئ عقدها لأسباب ترتيبية وتنسيقية إلى موعد لاحق بعد هذا المؤتمر وذلك بالاتفاق مع البنك ومع وزير الأوقاف والشؤون الدينية بالرباط معالي الدكتور عبد الكبير المدغري العلوي.