أيها العلماء الأجلاء:

لقد أتيتم من بلادكم في سبيل كلمة الحق، وتفرقتم منها لتجتمعوا هنا لجمع كلمة المسلمين على الحق، فمهمتكم جليلة وعظيمة ومتعددة الجوانب، وإن من ورائنا نواة تنتظر منكم السقي والتعهد شباب الأمة مجدها ودمها المجدد لحياتها، فخرها إذا عدت المفاخر، وذخرها إذا عدت الذخائر، فلا بد من النزول في ساحة المعاصرة منكم أيها العلماء الأجلاء، ومن كل عالم يسير إلى الله على بصيرة يسمع كلمتي هذه من هذا المقام المبارك لصيانة شباب الأمة من الانحرافات والاتجاهات الفكرية والتموجات العقدية والطائفية والحزبية التي تميد بهم ذات اليمين وذات الشمال عن صراط الله المستقيم.

وهناك في بلاد الله ويلات طاف طائفها وفيها من جاءتهم النذر فتماروا فيها، وفي بلاد الله أناس يثيرون عليه النقع هم ضرائر للحق. في سوق المعاصرة مذاهب ونحل محاها الإسلام دعاة إليها وفي جوانبهم رماة والمسلمون هم الهدف، ومن أعظم ما يكون وأسوأ ما يكون هو المذاهب ذات الفكر العلماني التي تنتشر في عدد كبير من مكتبات بلاد المسلمين، وقد كنا نفرح أشد الفرح لقيام المعارض العالمية للكتاب. وإذا بالفرحة تعود ترحة فتصل الأخبار ونشاهد بالعيان أجنحة واسعة فيها كتب فخمة مجلدة أحسن تجليد وأعظم إخراج وبأرخص الأسعار، وتدعو إلى إنكار وجود الله في بلاد المسلمين. هذه من أسوأ الويلات التي يعايشها أهل الإسلام فماذا أعددنا لها؟ وماذا عمل المسلمون لها، وهي مهمتكم أيها العلماء ومهمة رجال هذا المجمع. في بلاد الإسلام جنسيات مسلمة، لكنها تحمل تجنسات متعددة؛ تجنساً في الفكر وتجنساً في اللغة وتجنساً في التراث إلى آخر ما هنالك من تلكم التجنسات الماسخة للأمة من مكانتها في بلاء متناسق مما يثير الرهج ويؤذي المهج، وأمام هذا أقول ألية ضارة ويمين قارة إن هذه المعايشات المؤلمة التي يعايشها المسلمون هي بحاجة إلى جهودكم وإلى إخلاصكم ونصحكم ومناصحتكم ودعوتكم الصادقة؛ لأن هذا هو من باب استصلاح أحوال المسلمين، واستصلاح أحوال المسلمين هو مهمة المهمات لنا في هذه الحياة الدنيا، وهو رأس في وظيفة أهل القرآن، وقد طرز الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى كتابه الحافل العظيم في شرح صحيح الإمام البخاري بكلمة نقلها عن الوزير الحافظ ابن هبيرة الحنبلي رحمه الله تعالى أنه قال: " إن استصلاح أحوال المسلمين هو أولى من مجاهدة الكافرين للإدخال في الإسلام؛ لأن استصلاح أحوال المسلمين هو من باب المحافظة على رأس المال وهل يطلب الربح من يفقد رأس ماله، فأجمعوا أمركم رحمكم الله تعالى. فيا سعادة من راغ على تلكم البواطيل ضرباً باليمين بلسان الحجة والدليل، وكم للدليل في العقلية الإسلامية من نفاة ويعرفه الذين آمنوا كما يعرفون أبناءهم، والله تعالى يحفظنا وإياكم بالإسلام.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الدكتور بكر بن عبد الله أبو زيد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015