كلمة
معالي الأمين العام لمجمع الفقه الإسلامي الدولي
الدكتور محمد الحبيب بن الخوجة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي جعل الشريعة الإسلامية التي نزل بها وحيه، وعم بها عدله، مشكاة للهداة المتبصرين، ونبراساً للأئمة المتقين، وسندا لمعرفة الطريق القويم، وسببا للاستقامة على مناهج الدين.
أشهد أن لا إله إلا الله الملك الحق القوي المتين الرحمن الرحيم وأشهد أن محمداً عبده ورسوله خاتم النبيين وإمام المرسلين، حرر العقول بتلقين الوحدانية، وبيان حقائق الألوهية، وكشف أسرار الربانية، وزكى النفوس بما أنزل إليه من هدى وبيان وحكمة، فمحا الظلمات، ومحق الباطل، وقضى على الضلالات، واقتلع من الصدور أسباب التعسف والظلم والأثرة والأنانية والطغيان والفساد في الأرض. ودعا إلى التمسك بكتاب الله وسنة نبيه الأصلين العظيمين ليكونا للمؤمنين مصدر إشعاع وهداية، وسبب نجاح وتوفيق، وسبيل تيسير ورحمة، في عالم اكفهرت فيه الأجواء، وتلبدت به الشرور، وحاقت بالناس نكاده وأنكاله، فلا يجدون بعده فيه من واحات الأمن والسلام والاستقرار والاطمئنان والعزة والكرامة إلا ما أنبتته موارد الشرع وأظلته أفياء هداه. وصلى الله وسلم على سيدنا ومولانا محمد وعلى آله وصحبه ومن اتبع طريقه وسلك سبيله إلى يوم الدين.
وبعد،
فإن في الهدي الديني والمنهج الإسلامي طريقاً لتسديد الوجهة وبلوغ القصد، وسبيلاً لتذليل العقبات والهيمنة على التحديات، وهما إلى ذلك أساسَا الحفاظ على الملة. وتحقيق وحدة الأمة، وعلاج أوضاع المجتمعات، وإصلاح شؤون الخلق في هذه الحياة، والرقي والنجاح، والسيادة والريادة، وهل هذا الدين إلا هدى ورحمة، وهل خطابه ودعوته إلا بلاغ للناس كافة.
ولئن كانت الصفوة من الفقهاء والعلماء تجتمع في كل عام في رحاب مجمع الفقه الإسلامي الدولي، تأوي إليه من أطراف العالم لتتدارس ـ بعد مراجعة وبحث وتدبر وإعداد ـ كل القضايا المعروضة عليها في كل دورة، وتعمل على إيجاد الحلول المناسبة للمشاكل الناجمة في مجتمعاتها، في ضوء الشريعة الإسلامية المطهرة، وعن طريق الاجتهاد الجماعي الفقهي، فإن ذلك ليس أمراً سهلاً، ولا هو بالذي يمكن أن يطرد لولا العناية الإلهية، وصدق العزم، والشعور بالأمانة الثقيلة والمسؤولية العظمى أمام الله، وتجاه المسلمين عامة في مشارق الأرض ومغاربها.
وقد وجد المجمع بفضل ما قام به من مؤتمرات وندوات، وبحثه وهيأه من مشاريع في عديد المجالات، وطبعه ونشره من بحوث ودراسات، ما لفت الأنظار إليه، وأثار الاهتمام به، وهو لا يزداد مع الأيام إلا خيراً ومع تداول الأعوام إلا رشداً.
وإنا في هذا العدد الرابع من مجلته العلمية ونشرته السنوية لنقدم للباحثين والدارسين والفقهاء والاقتصاديين ورجال الجامعات والطلاب في كل الأقطار والأقاليم من الدول العربية والإسلامية وغيرها أعمال المؤتمر الرابع لمجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي.