د. محمد الحبيب ابن الخوجة
الحمد لله الذي جمعنا على الهدى وألزمنا كلمة التفوى، وأرشدنا إلى الحق، وجعلنا بإتباع سبيله، والاهتداء بكتابه، أدلاء على الطريق، قائمين لله في الأرض بالحجة {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا (114) وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} . [النساء: 114-115] وصلى الله وسلم على سيدنا ومولانا محمد عبد الله ورسوله إمام الهدى وسيد الأنبياء الذي بلغ الدعوة، ونصح الأمة، وأقام الملة، وأخرج الله به الناس من الظلمات إلى النور، وأرسله سبحانه شاهداً ومبشراً ونذيراً، وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً.
وبعد فقد مضى عامان على قيام مجمع الفقه الإسلامي الدولي، جعله الله خير أداة لتوحيد الأمة، وجمع كلمتها، ينير لها الطريق، ويهديها السبيل، ويجتهد اجتهادً جماعياً في بيان أحكام الله في القضايا والمشاكل المستجدة، ويواجه التحديات التي تقف في وجه العالم الإسلامي، بل في وجه الإنسانية كلها بالحلول المناسبة لمعالجتها معتمداً في ذلك كتاب الله العزيز وسنة رسوله المشرفة، ومستلهما تلك الحلول من مقاصد الشريعة وأسرارها
وقد نوه بدوره الفعال هذا ورسمه له خادم الحرمين الشريفين جلالة الملك المعظم فهد ابن عبد العزيز في خطابه الكريم في المجلس التأسيسي للمجمع حين صدع بقوله أعزه الله ونصره:
إن بيان حكم الله ووجوب الخضوع له، حكاماً ومحكومين، سوف يؤدي إلى حقن الدماء، وحفظ الأموال، وصيانة الأعراض، كما أن بيان حكم الله سوف يجعل المسلمين دعاة رحمة وأمن، ولسوف يوحد جهودهم ضد عدوهم في وقت تتداعى فيه الأمم على حضارتنا وتراثنا وأمتنا.
كما نبه إلى صبغة المجمع المميزة له وهو يخاطب الحضور بقوله: إن اجتماعكم هذا يعتبر بداية حقبة تاريخية هامة من تاريخ أمتنا الإسلامية، مرحلة يتخطى فيها شرف خدمة الشريعة الإسلامية حدود الجهود الفردية والإقليمية، ويجتاز الحدود السياسية في أول تنظيم عالمي يعبر عن وحدة الأمة الإسلامية في هذا المجال.
والآن وقد بدأ المجمع يسير بخطى ثابتة ومتأنية من أجل تحقيق الهدف من تأسيسه والقيام بدوره الجليل، أولاً عن طريق مجلسه المتألف من أعضائه المندوبين من طرف الدول الإسلامية كافة، وثانياً عن طريق من انضم إليه من أعلام الفقه الإسلامي المعاصر والهيئات العلمية الإسلامية، وكذلك الزمرة الطيبة من الباحثين والخبراء، يسرنا ويشرفنا أن نشيد في المقام الأول بالعناية الدائمة والموصولة التي يلقاها المجمع من صاحب الجلالة الملك المعظم أقام الله به قناة الدين، وبسط العدل، وأطال عنان الإحسان، ثم من رجال حكومته الرشيدة وأعلام الفكر الديني والعلم الإسلامي بالمملكة العربية السعودية المحروسة، وكذلك من كل الجامعات العلمية والمؤسسات الإسلامية التي لا يفوتنا أن نذكر على الخصوص من بينها رابطة العالم الإسلامي التي وجدنا لديها كل تعاون وبر، ومن أمينها العام معالي الدكتور عبد الله عمر نصيف حسن التفهم وكريم الدعم. جازاهم الله عن المجمع وعن العمل الإسلامي خير الجزاء.