الناحية الأخرى التساؤل أنه لماذا الوكالة؟ وقد تساءل عن هذا عدد من أصحاب الفضيلة الأساتذة الكرام كذلك، هذا سؤال وجيه أن يلقى، ولكن من عرف ملابسات الأمور في مثل هذه الأحوال ووضع البنك الحقيقي وأهدافه يجد المبرر، وذلك أن البنك الإسلامي للتنمية لا يستطيع أن يكون ككل تاجر يشتري منه أو يكون هناك من وعده ولكن هو يقوم فيفتش هو عن البضاعة ويتبع الأسواق، ثم يشتري ثم ينتظر من يشتري منه أو يكون هناك من وعده ولكن هو يقوم فيفتش، البنك الإسلامي يتعامل على نطاق واسع ومعاملاته كثيرة جدا فهو لا يستطيع أن يتتبع الأسواق وأن يعقد ويفتش عن المواصفات وعن وعن الخ.. لذلك هو مضطر أن يجعل صاحب الحاجة هو يفتش ويرى المواصفات وسائر حاجاته ثم بعد ذلك لكي يتحقق امتلاك البنك.
البنك أيضا ليس عنده مجال أن يعقد صفقات مباشرة مع المصانع مع المعامل بنفسه، فهو يوكل صاحب المصلحة ليقوم عنه هذه المهمة والمقصود في النتيجة هذه المعدات تشتري للبنك، وهذا الوكيل الذي هو صاحب الحاجة الأصلي يقوم بهذه المهمة وهو يرى أنه لمصلحته يسهل الأمر على البنك لأن البنك إذا كلف أنه هو تولى العقود والصفقات لصرف النظر عن الموضوع ولحرم صاحب الحاجة من هذه المعاونة من البنك عن طريق المرابحة الوكالة، فلذلك الوكالة اللجوء إليها واضح السبب، وعلى هذا أرى أنه سبب غير مشروع سبب يتفقان عليه ويكون فيه صاحب الحاجة مقام البنك في أن يغنينا عن هذه المهمة.
النقطة الأخرى وهي موضوع شرط الهبة، الواقع أن شرط الهبة هذا المقصود به يؤكد ما ذكرته أولا أن الحقيقة بين العقدين عن طريق الإجارة وعن طريق بيع المرابحة واحدة وأن اختلاف الأسلوب كما ذكر رئيس البنك بحسب اختلاف النظم في نواحي عديدة فيلجأون إلى هذه تارة وإلى تلك أخرى فهذه قضية تؤكد هذا المعني: أن المقصود أن يملك المستأجر هذه المعدات في النهاية ملكا مجانيا لأن البنك يكون قد استوفى رأس ماله مثل طريق بيع المرابحة، استوفى رأس ماله، واستوفى الربح المشروع الذي يرتبه عليه لقاء بيع بأجل، فلذلك يجب أن تنتهي العملية بملك المستأجر بلا ثمن فجعل هذا عن طريق الهبة، وإذا قيل: إن شرط الهبة هذا شرط صفقة في صفقة هذا يمكن أن يجاب عنه أولا بالمناسبة ما قيل عن المذهب الحنفي: أنه يرى الشروط المقرونة بالعقد باطلة أو مبطلة هذا غير صحيح، والحنفية يقسمون الشروط إلى ثلاثة أنواع: فشرط صحيح ملزم، وشرط فاسد مفسد، وشرط لا يؤثر على العقد كما هو معروف، فإذا الحنفية يمسكون السلم بالعرض ويقولون قول شرط لا يقبل لا، لكن قد يقال: إن شرط الهبة يعتبر شرط عقد في عقد يدخل في الظاهر تحت نهيه عليه السلام عن صفقتين بصفقة، ولكن هذا علاجه سهل جدا وهو بأن تصاغ الهبة لا بصورة شرط بل بصورة وعد إذا جعلت الهبة في صيغة وعد وليست في صيغة شرط فعندئذ ممكن، هذا يحل المشكل ويكون هذا الوعد ملزما بحسب قواعد المذهب المالكي في الوعود والحالات التي يكون فيها الوعد ملزما إذا دخل الموعود على المفتى به عندهم إذا دخل الموعود تحت التزام نتيجة للوعد، وهنا يدخل تحت التزام نتيجة للوعد ولذلك يدخل البنك تحت هذا الالتزام وعندئذ يكون الوعد ملزما ونخرجه على أساس أنه وعد بالهبة ملزم، أخذا بالمذهب المالكي، ملزم، ونحن لا نتقيد بمذهب معين حتى في المسألة الواحدة يمكن أن يؤخذ بعض حكمها من مذهب وبعض حكمها من مذهب آخر ما دام كلاهما وجيها، وبذلك أيضا تحل من هذا الطريق.