صاحب السمو الملكي الأمير الحسن ولي العهد المعظم

بسم الله الرحمن الرحيم … أيها الإخوة أخاطبكم بعد أن عدت من زيارة رسمية للسودان الشقيق وقلبي يعتصره الحزن والألم وقد أتاحت لي زيارتي للسودان الاطلاع على أحوال مخيمات السودانيين الذين تضرروا بالجفاف وسوء التغذية وكذلك الأمر في بعض مخيمات اللاجئين الذين ما زالوا يتدفقون على السودان من الدول المجاورة وقد استمعت إلى ما يملأ نفوسكم من ألم ومرارة نتيجة تقصير إخوانهم العرب وأشقائهم المسلمين ووقوفهم موقف المفتوح بينما تطاحنهم المحنة من كل جانب وهو يتطلعون إلى إخوانهم بروح الأمل والرجاء.

أيها الإخوة:

لقد مرت على السودان خمس سنوات متوالية من الجفاف وانحباس الأمطار مما أدى إلى صعوبات اقتصادية وتخلف زراعي وانتشار للجوع والمرض والحرمان لا مثيل له في هذا القرن وحسب تقديرات الأمم المتحدة يعاني ثمانية ملايين وأربعمائة ألف سوداني هذه المعاناة كما يعاني سكان إقليم دارفور وكردفان من شح الغذاء وقلة مساعدات من يمثلهم من البقاء على قيد الحياة، هذا بالإضافة إلى المشاكل الناجمة عن تدفق أكثر من مليون ونصف مليون لاجئ من إرتيريا وتشاد وزائير وأوغندا على السودان يتزايد عددهم باستمرار وتتولى خمس وعشرون وكالة تطوعية أعمال الإغاثة وتقديم المساعدات لهؤلاء اللاجئين معظمها من أوروبا وأمريكا بينما غابت الوكالات والجمعيات العربية والآسيوية إلا واحدة عن تقديم العون للمنكوبين الذين تصل نسبة المسلمين فيهم إلى أربعة وثمانين بالمائة، كما عاني هؤلاء اللاجئون من بؤس وجفاف لسنوات طويلة نتيجة سوء التنمية والجوع والصراعات المسلحة على أراضيهم كما ضم الجوع مئات الألوف مما يجسد حرمانهم ظلم الإنسان لأخيه الإنسان فآلاف الأطفال ما زالوا يواجهون الموت يوميا بسبب الجوع والمرض، ومن منطلق الإيمان بواجبنا الإنساني وإحساسنا في الأردن من واقع المأساة على شعب السودان الشقيق وبتوجيه من جلالة الحسين فقد وضع الأردن برنامجا لمساعدة عاجلة للسودان الشقيق وبوصفي رئيسا وعضوا مؤسسا للجنة المشكلة للقضايا الإنسانية الدولية بحثت مع المسئولين في السودان الإجراءات التي يمكن اتخاذها على المستوي الدولي واتفق على العمل لتأمين أنصبة مالية مباشرة للمزارعين الصغار وإنشاء جهاز فعال للمتابعة قبل حصولها وبالبحث عن أمور لازمة لأوضاع اللاجئين في السودان.

أيها الإخوة أخاطبكم لأنقل لكم استغاثة أشقائكم في السودان في ذكرى مباركة عطرة من ذكريات رسالة الرسول الكريم وذكري نفحة من نفحات نبوية وهي ذكرى هجرته عليه الصلاة والسلام إلى المدينة لجمع كلمة المسلمين على الخير والتواد والتراحم، وأية ذكرى أكرم يتجول فيها الإنسان مع أخيه المسلم لمد يد العون والإغاثة والإنقاذ لمن أهلكت المحنة والمجاعة ما لديهم من حرث ونسل وكادت تفني البقية الباقية من المواد البشرية والمادية.

أيها الإخوة الكرام.. إن البؤس والحرمان اللذين يتحملهما الملايين من إخواننا في السودان يذكر بقول الرسول العظيم: إن المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل جسد واحد إذا اشتكي منه عضو تدعي له سائر الجسد بالسهر والحمي، إني أوصيكم أن تهبوا إلى نجدة إخوانكم في السودان الذين يتطلعون إليكم لإنقاذ أطفالهم وحياتهم وذويهم {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ} .

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015