ب- شركة التأمين التعاوني الربحي: صيغة شركة التأمين التعاوني الربحي ليست ذات بال في الدول الغربية، وإنما انتشرت في البلاد الإسلامية، وجاءت تطبيقًا غير سليم للفتوى بإجازة التأمين التعاوني، وتشبه شركة التأمين التعاوني الربحي شركة التأمين التجارية في أن لها حملة أسهم، وأنها تستهدف الربح وتسعى إلى توزيع العوائد عليهم، وتعمل بصفة مماثلة لشركة التأمين التجاري، ومع أن ما يدفعه المستأمن يسمى تبرعًا إلا أن الشركة ملتزمة بالتعويض، حتى لو جاءت تبرعات المستأمنين دون مقدار التعويضات، إذ يقوم ملاك الشركة بإقراض الوعاء (حتى يتمكن من التعويض) قرضًا ليسترده منه فيما بعد برفع الرسوم، والاختلاف بينهما يمكن تقسيمه إلى قسمين: مؤثر من الناحية الشرعية، وقسم غير مؤثر:
فأما القسم الغير مؤثر فهو:
أ- ما درجت عليه تلك الشركات من رد جزء من الفائض في الوعاء التأميني إلى المستأمنين، ذلك أن الشركة تنظر في وعاء رسوم التأمين في نهاية كل عام مالي؛ فإن وجدت في الوعاء مبلغًا فائضًا بعد دفع النفقات الإدارية ودفع المستحقات لتعويض المشتركين الذين وقع عليهم المكروه في تلك السنة قامت برد جزء من ذلك المبلغ للمستأمنين، ويرى بعض الباحثين أن هذا الفائض يتحقق بسبب أن هذه الشركات تأخذ رسومًا من المستأمنين يزيد حجمها عن المبلغ المطلوب ابتداءً، أي أعلى مما تقتضيه الحسابات الأكتوارية مما يحقق هذا الفائض بالضرورة، ويرى البعض أن مسألة الرد هذه هي العنصر المؤثر في الفرق بين ما جاز من التأمين وما حرم، وليس مثل هذا الرأي بشيء.
ب- إن ما يدفعه المستأمن يسمى تبرعًا، وليس رسم اشتراك أو ثمن بوليصة كما هو الحال في التأمين التجاري، ويرى البعض أن هذا يغير طبيعة العلاقة بين الشركة والمستأمنين من عقد معاوضة إلى عقد تبرع، ومعلوم أن الغرر الكثير مفسد لعقود المعاوضات، وليس مفسدًا لعقود التبرعات، لذلك قالوا بجواز هذه الصيغة للتأمين هي وجود الغرر فيها، والقاعدة أن العبرة في العقود بالحقائق والمعاني لا بالألفاظ والمباني، وليس في هذا العقد حقيقة التبرع ولا معناه، والدليل على ذلك أن استحقاق التعويض يجري حسابه على أساس القسط المدفوع وليس على أساس الحاجة أو الضرر، وأن قبول اشتراك المستأمنين وتقدير أقساط التأمين مبني على مقدار الخطر وليس الرغبة في التكافل، فإذا كان عمر الرجل كبيرًا لم يقبل في التأمين الصحي التعاوني إلا (بتبرع) يمثل أضعاف ما يطلب من الصغير في السن، والسبب أن الأول أكثر حاجة إلى الرعاية الصحية.
جـ- إن المستأمنين لا نصيب لهم في الأرباح المتولدة من استثمار المال في الوعاء، وهو المصدر الرئيس للدخل في شركات التأمين، وليسوا ملاكًا للشركة، وهما أمران لا يكون التأمين تعاونيًا غرضه التكافل إلا بهما.
أما القسم الثاني فهو فروق مؤثرة وإن لم تكن من لوازم التأمين التعاوني، وإنما درجت على مثلها هذه الشركات وهي:
أ- الاقتصار في تثمير الأموال في الوعاء على الاستثمارات المباحة من الناحية الشرعية، بخلاف شركات التأمين التجاري التي تستثمر أموالها غالبًا في سندات الدين الربوية.
ب- التزام الشركة بدفع التعويض حتى لو لم يكن الوعاء كافيًا لتغطية المخاطر، وذلك بإقراض الشركة الوعاء قرضًا بغير فائدة ثم استرداده في سنة مالية تالية، أما شركات التأمين التعاوني اللاربحي فإنها ترجع على المستأمنين بزيادة رسوم لأنهم ملاك الشركة.