فذهب جماعة من الفقهاء منهم الحنفية (?) ، ووجه للشافعية (?) ، والمالكية (?) . .. في غير ما إذا كان البدلان: المحال به، وعليه طعامًا من بيع، إلى جواز الحوالة بدين السلم وعليه.

وذهب الحنابلة (?) ، ووجه للشافعية – رجحه النووي (?) إلى أنه لا تجوز الحوالة بدين السلم، ولا عليه.

وهؤلاء المانعون استدلوا على ما يأتي:

أولاً: أنهم اعتمدوا في منعهم هذا على أن دين الحوالة يجب أن يكون مستقرًّا، وأن السلم بعرض الفسخ (?) .

ويمكن الجواب عنه بأن هذا الشرط نفسه محل خلاف وليس عليه دليل من الكتاب والسنة، والإجماع؛ فالنص النبوي الشريف في الحوالة لم يشترط كون الدين مستقرًّا أم غير مستقر، بل قال: ((فإذا أتبع – أو أحيل – على مليء فليتبع)) (?) ، فالنص لم يشترط سوى كون المحال عليه مليئًا قادرًا على أداء الدين، ولذلك قال الشوكاني معلقًا على اشتراط استقرار الدين لدى البعض: " فلا أدري لهذا الاشتراط وجهًا، لأن من عليه الدين إذا أطال على رجل يمتثل حوالته، ويسلم ما أحال به كان ذلك هو المطلوب، لأن به يحصل المطلوب بدين الحال ولو لم يكن في ذمة المحال عليه شيء من الدين (?) ، ولذلك أجاز الحانبلة أنفسهم استعمال لفظ الحوالة في صورتين ليستا بحوالة، وإنما هي وكالة وقرض (?) .

ثانيًا: واستدل المانعون كذلك بأن الحوالة إما بيع وهو لا يجوز قبل قبض المبيع، أو هو كالبيع، أي يقاس عليه فيكون حكمه مثل حكمه.

والجواب عن ذلك من وجوه:

الوجه الأول: " أن هذا الكلام مبني على أن الحوالة بيع، وهذا بناء ضعيف؛ لأن الحوالة عقد مستقل له شروطه ومواصفاته، وأن اسمها ومسماها قد أثبتهما الشرع، فلا يقبل أن تدخل في عقد آخر، ومن هنا فاختلاف الاسم والمسمى لغة وشرعًا يدل على اختصاص هذا العقد بأحكامه الخاصة به دون غيره، ولذلك لا يشترط في عقد الحوالة التقابض حتى ولو كان الدينان من النقود، أو الطعام، ولا يدخل في بيع الدين بالدين الذي منعه الفقهاء، وجاز فيه كون أحد الدينين أكثر من الآخر وغير ذلك. (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015