2- أن هذا يدخل في بيع الشيء قبل قبضه، وهذا لا يجوز، لأنه يدخل ضمن النهي عن ربح ما لم يضمن.

يقول ابن تيمية: " فإن علته في منع بيع دين السلم كونه مبيعًا فلا يباع قبل القبض" (?) ثم بين بأن مبنى ذلك على ما رواه ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم ((نهى عن بيع الطعام قبل قبضه)) ، وقال: ((ولا أحسب كل شيء إلا بمنزلة الطعام)) (?) .

3- الإجماع حيث ذكر صاحب المغني الإجماع على ذلك فقال: " أما بيع المسلم فيه قبل قبضه فلا نعلم في تحريمه خلافًا" (?) .

وهذه الأدلة كلها مجال للنقاش والرد والبدل على ضوء ما يأتي:

1- فبالنسبة للدليل الأول (الحديث) فهو:

أولاً: ضعيف لا ينهض حجة في مثل هذه القضايا، حيث في سنده عطية بن سعد وهو كما قال عبد الحق في أحكامه: لا يحتج به، وقد ضعفه أحمد، وغيره، وقال ابن عدي: وهو مع ضعفه يكتب حديثه، وقال مسلم بن الحجاج: قال أحمد: وذكر عطية العوفي فقال: هو ضعيف، ثم قال: بلغني أن عطية كان يأتي الكلبي ويسأله عن التفسير وكان يكنيه بأبي سعيد فيقول: قال أبو سعيد وكان هشيم يضعف حديث عطية، وقال أبو حاتم: ضعيف يكتب حديثه، وقال النسائي: هو ضعيف، وذكر ابن عدي: أن عطية مع أهل البدعة، وذكره ابن حبان في الضعفاء، وذكر أنه كان يسمع أحاديث من الكلبي ويرويها فإذا قيل: من حدثك بهذا؟ فيقول: حدثني أبو سعيد، فيتوهمون أنه يريد أبا سعيد الخدري، وإنما أراد الكلبي، قال ابن حبان: لا يحل كتب حديثه إلا على التعجب" (?) .

فرجل هذا حاله كيف يؤخذ منه أحاديث الأحكام؟ لذلك فالحديث ضعيف لا ينهض حجة، لأن مداره على رجل (مجمع على ضعفه) (?) .

ثانيًا: أن الحديث – على فرض ثبوته – ليس نصًا على الدعوى، حيث يحتمل أكثر من معنى فقد قال الطيبي: " يجوز أن يرجع الضمير في (غيره) إلى (من) في قوله " من أسلف" يعني لا يبيعه من غيره قبل القبض، أو إلى شيء أي لا يبدل المبيع قبل القبض بشئ آخر " (?) .

وقد أجاب شيخ الإسلام ابن تيمية عن هذا الحديث بجوابين أحدهما أنه ضعيف، ثم قال: " والثاني: المراد به أن لا يجعل السلف سلمًا في شيء آخر فيكون معناه النهي عن بيعه بشيء معين إلى أجل وهو من جنس بيع الدين بالدين، ولهذا قال: " لا يصرفه إلى غيره " أي لا يصرف المسلم فيه إلى مسلم فيه آخر، ومن اعتاض عنه بغيره قابضًا للعوض لم يكن قد جعله سلمًا في غيره" (?) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015