ووجه الاستدلال بهذه الروايات أنها جميعا تنوط إباحة الأكل بذكر اسم الله عند الذبح أو الصيد، وهذا يعني أن الإباحة معلقة على حصول هذا الشرط، وبانعدام الشرط ينعدم المشروط فلا إباحة بدونه، قال الحافظ ابن حجر: "المعلق بالوصف ينتفي عند انتفائه عند من يقول بالمفهوم، والشرط أقوى من الوصف، ويتأكد القول بالوجوب بأن الأصل تحريم الميتة، وما أذن فيه منها تراعى صفته، فالمسمى عليها وافق الوصف وغير المسمى باق على أصل التحريم " (?) .

وأجيب عن الاستدلال بالآيات بأن أقواها دلالة على الغرض هو قوله تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} ، وهو محمول على المنع من أكل ما أهل به لغير الله أو الميتة، أمّا حمله على أن المراد به ما أهل به لغير الله فدليله قوله تعالى إثره: {وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ} ، وجاء بيان الفسق في قوله: {أو فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ} [الأنعام: 145] ، واعترض بأن قوله تعالى {وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ} [الأنعام: 121] ، سيق مساق التأكيد لهذا الحكم والتغليظ على من خالفه، والضمير راجع فيه إلى الأكل المفهوم من قوله: {وَلَا تَأْكُلُوا} ، مثله في ذلك مثل قوله عز وجل: {اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [المائدة: 8] ، فإن ضمير الفصل فيه عائد إلى العدل المفهوم من قوله: {اعْدِلُواْ} ولا اعتراض على هذا بما قاله بعضهم من أن الضمير عائد إلى عدم الذكر المفهوم من قوله: {لَمْ يُذْكَرِ} لأن الكلام سيق من أجل النهي عن الأكل، ومخالفة النهي الإلهي فسق.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015