وحجة الجمهور حديث رافع بن خديج قال: كنا مع النبي في غزاة وقد أصاب القوم غنما وإبلا، فند منها بعير فرمي بسهم فحبسه الله به، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((إن هذه البهائم لها أوابد كأوابد الوحش، فما غلبكم منها فاصنعوا به هكذا)) . (?) ، وذلك أن تسليط النبي صلى الله عليه وسلم على هذا الفعل دليل على أنه ذكاة، واستدلوا من جهة القياس أيضا أن الوحشي إذا تأنس يعامل معاملة الأهلي، فهكذا الإنسي إذا توحش (?) ، واحتج المالكية ومن وافقهم بأنه مقدور عليه في غالب الأحوال، فلا يراعى النادر منه وإنما يكون ذلك في الصيد، وأجابوا عن حديث رافع بن خديج بأن قالوا: تسليط النبي صلى الله عليه وسلم إنما على حبسه لا على ذكاته، وهو مقتضى الحديث وظاهره لقوله:"فحبسه " ولم يقل: إن السهم قتله. (?)
ويستأنس لرأي الجمهور بتشبيه النبي صلى الله عليه وسلم لأوابد البهائم الأهلية بأوابد الوحش، إذ في ذلك إشارة لطيفة إلى أنها يصنع بها كما يصنع بالوحشي، وألحق عند الجمهور بالنادّ من بهيمة الأنعام ما وقع في بئر أو نحوها، فتعذر التوصل إلى تذكيته بالذبح أو النحر (?)