وقد اختلف العلماء في حكمها، فجمهورهم قالوا بجوازها مستدلين على ذلك بما روي عن عطاء: أن عبد الله بن الزبير رضي الله عنه كان يأخذ من قوم بمكة دراهم ثم يكتب بها إلى أخيه مصعب بن الزبير في العراق ويأخذونها منه فسئل ابن عباس عن ذلك فلم ير بأسا فقيل له: إن أخذوا أفضل من دراهمهم؟ قال: لا بأس إذا أخذوا بوزن دراهمهم.

وروي أيضا مثل هذا عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه؛ فهؤلاء ثلاثة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أجازوا ذلك.

ورد المجيزون على المانعين قولهم بأن هذا من قبيل القرض الذي يجر نفعا وكل قرض جر نفعا فهو ربا فإن دافع النقود يستفيد من ذلك أمنه من خطر الطريق. رد المجيزون على ذلك بقولهم: المنفعة التي تجر الربا في القرض هي التي تخص المقرض كسكنى دار المقترض وركوب دوابه واستعماله وقبول هديته ولا مصلحة للمقترض في ذلك، بخلاف هذه المسألة، فإن المنفعة مشتركة بينهما وهما متعاونان فهي من جنس المعاونة والمشاركة.

وهذا المعنى ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى وجرى نقل النص في البحث المقدم.

وقال آخرون بمنعها بحجة أن السفتجة قرض يستفيد منها المقترض أمن الطريق وكل قرض جر نفعا فهو ربا. وقد تقدم رد هذا الاحتجاج بما يكفي عن إعادته.

وذكروا حديثا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((السفتجة حرام)) وهو حديث ضعيف ذكره ابن الجوزي في الموضوعات فلا يصح الاحتجاج به، والقول بجواز ذلك هو ما تطمئن إليه النفس لما في ذلك من المصلحة العامة والتيسير على المسلمين في معاملاتهم وانتفاء الدليل المقنع على المنع لأن الأصل في المعاملات الإباحة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015