الحكم الشرعي للعمليات الحاضرة:
قال بعض الباحثين (?) . بجواز عمليات الصرف الحاضرة، دون أو يوضح المراد بالحاضرة. وتبعه آخرون ظنا منهم أن المراد بالعمليات الحاضرة تعني معناها الحقيقي.
والذي أراه أن عمليات بيع الذهب الحاضرة وبقية عمليات الصرف على الصورة التي ذكرناها، والتي تطبقها المصارف العالمية، وأسواق العملات العالمية غير جائزة شرعا، والعقود التي تمارس على هذه الصورة هي عقود باطلة؛ لا يعتد بها شرعا، ولا يترتب عليها أثر. لأنها مخالفة لأحاديث رسول صلى الله عليه وسلم الصحيحة الصريحة. فقد قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الذي رواه عبادة بن الصامت ((الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح مثلا بمثل سواء بسواء يدا بيد ... )) (?) .
في حديث أبي سعيد الخدري قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تبيعوا شيئا غائبا منه بناجز إلا يدا بيد)) (?) .
والشاهد من الحديثين قوله صلى الله عليه وسلم: ((يدا بيد)) . فاشترط التقابض من البائع والمشتري قبل أن يتفرقا من مجلس العقد.
وقال ابن المنذر: (وقد أجمع من نحفظ عنه من أهل العلم أن المتصارفين إذا افترقا قبل أن يتقابضا أن الصرف فاسد) (?) .
وكان التطبيق العملي الذي وقع بين أوس بن الحدثان النصري وبين طلحة بن عبيد الله خير شاهد على فساد عمليات بيع الذهب وأنواع الصرف الأخرى إلا بالتقابض في المجلس؛ لأن للحادثة المذكورة وجه شبه بما يسمى بعمليات الصرف الحاضرة، ومع أن أوسا وطلحة كانا حاضرين، وفي بلد واحد، إلا أن نقود أحدهما مقبوضة، ونقود الآخر لم تقبض بعد، فقد منعهما عمر بن الخطاب رضي الله عنه من أن يتفرقا قبل أن يقبض كل منهما نقوده، بل أكد هذا المنع بالقسم، فقال: ((والله لا تفارقه حتى تأخذ منه)) وهل كان هذا اجتهادا من عمر؟ لا. وإنما كان قوله هذا تطبيقا عمليا للحكم الذي فهمه من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الذهب بالورق ربا إلا هاء وهاء، والشعير بالشعير ربا إلا هاء وهاء)) . ومعنى هاء وهاء: خذ وهات.