ولما جاء عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: أبصرت عيناي وسمعت أذناي رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((لا تبيعوا الذهب بالذهب ولا تبيعوا الورق بالورق إلا مثلا بمثل ولا تشفوا)) (?) . ((بعضه على بعض ولا تبيعوا شيئا غائبا منه بناجز إلا يدا بيد)) (?) ، ولما رواه مالك بسنده عن مالك بن أوس ابن الحدثان النصري أنه التمس صرفا بمئة دينار. قال: فدعاني طلحة بن عبيد الله فترواضنا (?) حتى اصطرف مني وأخذ الذهب يقلبها في يده ثم قال: حتى يأتيني خازني من الغابة (?) . وعمر بن الخطاب يسمع. فقال عمر: والله لا تفارقه حتى تأخذ منه ثم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الذهب بالورق ربا إلا هاء وهاء، والشعير بالشعير ربا إلا هاء وهاء)) رواه البخاري ومسلم (?) .
ومعنى هاء وهاء: خذ وهات.
فقوله صلى الله عليه وسلم: ((يدا بيد)) ، وقوله ((إلا هاء وهاء)) يدلان على وجوب التقابض.
وقال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم أن المتصارفين إذا افترقا قبل أن يتقابضا أن الصرف فاسد (?) .
تفسير القبض في الأثمان:
اتفق الفقهاء الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة على أن التقابض في الصرف، إنما يكون بتناول النقود، أو السبائك أو نحوها باليد فيشترط القبض الحقيقي (?) . أو ما يقوم مقامه، في بيع الأثمان بعضها ببعض وما يأخذ من العملات. فيسلم البائع المبيع إلى المشتري ويسلم المشتري الثمن إلى البائع في مجلس العقد، قبل افتراقهما؛ وإن طالت مدة المجلس.
وقولي: أو ما يقوم مقامه؛ أعني به، مثل القيد الدفتري، أو قبض الشيك، لا التخلية.
وهناك رواية عن الإمام أحمد أن قبض كل شيء بالتخلية. قال ابن قدامة: (وقد روي أبو الخطاب عن أحمد إن القبض في كل شيء بالتخلية مع التمييز؛ لأنه خلى بينه وبين المبيع من غير حائل، فكان قبضا له كالعقار) (?) .