هذه الدورة هي بحق يستحق أن يطلق عليها الدورة الاقتصادية، وقد جاء في بلد الاقتصاد والحركة التجارية النوارة، إذ حوت عشرة موضوعات وقدم لها عدد من رجال هذا المجمع وخبرائه وباحثيه نحو ستين بحثا، أسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يوفقنا جميعا إلى القول الحق والصواب فيما نأتي ونذر من أقوالنا وأعمالنا إنه على كل شيء قدير.
أيها الجمع الكريم،
تأتي هذه الدورة المباركة في أعقاب ثمانية مؤتمرات مضت، خمسة منها عقدت في المملكة العربية السعودية، ومؤتمر في المملكة الأردنية الهاشمية، ومؤتمر في دولة الكويت، ومؤتمر في سلطنة بروناي. ويتخلل ذلك ندوات في عدد من دول العالم الإسلامي للتهيئة بين دورات هذا المجمع، وقد طبعت نتائج هذا المجمع في بحوثه وقرارته في نحو عشرين مجلدا تضم نحو أربعمائة بحث وفيها ما يزيد عن ثمانين قرارا.
وقد كان لمعالي الأمين العام لمجمع الفقه الإسلامي الشيخ محمد الحبيب بن الخوجة يد موفقة في تسيير أعمال الأمانة وطباعة المجلة.
هذا، وإن من تتابع الإحسان وتوفيق الله سبحانه وتعالى، أن خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز، أيده الله, قد أمر بطباعة كتاب (عقد الجواهر الثمينة في مذهب عالم المدينة) ، فتمت طباعته، ولله الحمد، في ثلاثة مجلدات، وسيقدم هدية لصاحب السمو ولرجال دولته وللعلماء والمفكرين في هذه الدورة بمشيئة الله تعالى. أجزل الله لخادم الحرمين المثوبة، ووفقه لكل عمل صالح مبرور.
أيها الجمع الكريم.
إن هذا المجمع يسير، بحمد لله، على خطوات ثابتة وعلى مناهج بينة، فهو يعتمد الدليل من الكتاب والسنة والإجماع والقياس ومصادر الشريعة التبعية، ولا مجال في هذا المجمع للآراء الشاذة، والأقوال المهجورة، والرخص الغثة. وهذا المجمع يعتمد الاعتدال والوسطية التي تستل من مشكاة النبوة في جميع آرائه، والمعصوم من عصمه الله.
وإن من نعم الله سبحانه وتعالى أن هذا المجمع لم يصدر منه في يوم من الأيام أي قرار ضغط فيه الإسلام للواقع، ولا قرار ضغط فيه النصوص للوقائع؛ بل أخضع الواقع والوقائع لنصوص الشرع المطهر، وهذا من توفيق من الله وعظيم منته علينا وعلى الناس أجمعين.
ولهذا كان لقراراته الأثر الفعال في شريحة كبيرة من العالم الإسلامي: أفرادا ومؤسسات، وشركات وبنوك إسلامية ومصارف، وعلى مستوى عدد من دول العالم الإسلامي.
ولاشك أن تطبيق الشرع المطهر وإعماله وإدخاله في الحياة العملية للمسلمين هو من أجل أعمال العبادة والأخذ بهدي القرآن العظيم والسنة النبوية المطهرة والاقتداء بهذا الدين قولا وعملا، فليتق الله كل امرئ مسلم، وليتبع القول العمل.