تكييف المذهب لهذه الصورة:
اختلف علماء المذهب في تكييف هذه الصورة، هل هي من باب اجتماع البيع مع الإجارة – باعتبار أن المادة المصنعة من عند البائع – أو من باب السلم باعتبار عدم وجود الشيء المصنوع وقت التعاقد؟
فقد اختلف علماء المالكية في ذلك إلى رأيين:
الرأي الأول: يرى أن هذه الصورة من باب اجتماع البيع والإجارة وذلك يجوز وهذا الرأي هو ما نص عليه في الشرح الكبير للدردير، تبعا لابن الحاجب والتوضيح (?) .
أما أنها من باب البيع، فلأن السلعة المطلوب تضيعها موجودة حال التعاقد، وقد تعاقد مع صاحبها على صنعها.
وأما أنها من باب الإجارة، فلأنه قد تعاقد مع صاحب السلعة على أن يتم تصنيعها شيئا معينا من هذه المادة.
فقد اجتمع في العقد بيع وإجارة، ويجوز عند المالكية اجتماع عقد البيع مع الإجارة.
الرأي الثاني: يرى أنها من باب السلم فتجوز أيضا:
وهذا الرأي يتمشى مع رأي أشهب الذي يجوز في السلم تعيين المصنوع منه والصانع، وفي هذه الصورة عين المصنوع منه – فقط – أي المادة المصنعة التي اشتراها من البائع.
أما أنها من باب السلم، فلأنه (السلعة المصنعة) ، والتي جرى التعاقد عليها معدومة حال العقد، إذ الموجود فقط مادتها لدى البائع، ولكن ما جرى عليه التعاقد هو (إبريق أو طشت أو غيرهما) مما يصنع من هذه المادة، فالإبريق وما ماثله معدوم حال التعاقد.
يقول صاحب الشرح الكبير: " وإطلاق السلم على هذا الشراء مجاز وإنما هو بيع معين يشترط فيه الشروع ولو حكما، فهو من أفراد " وإن اشترى المعمول منه واستأجره جاز إن شرع، ويضمنه مشتريه بالعقد وإنما يضمنه بائعة ضمان الصناع (?) .
وقد منع ابن القاسم: - في السلم تعيين المعمول منه لأن من شروط السلم أن يكون – المسلم فيه دينا (في الذمة) فإذا تعين المعمول منه، لا يكون حينئذ دينا، ومن ثم لا يصح سلما لعدم توافر شرطه وبناء على رأيه تكون بيعا أي مع إجارة – كما تقدم -.