هل يجوز إحداث عقد جديد؟

هذه المسألة تسمى بمدى الحرية التعاقدية في الفقه الإسلامي، وقد اختلف فيها الفقهاء، فذهب جمهور الفقهاء – كما حققناه في رسالتنا (?) .

وقد دافع شيخ الإسلام ابن تيمية بشدة عن مذهب القائلين بالإباحة (?) .

وقد استدل الجمهور بالكتاب والسنة، والمعقول.

أما الكتاب فقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} (?) .

وقوله تعالى: {وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا} (?) .

وغير ذلك من الآيات الدالة على وجوب الوفاء بالعقود، يقول ابن تيمية: (فقد أمر الله سبحانه بالوفاء بالعقود، وهذا عام وكذلك أمر بالوفاء بعهد الله، وبالعهد، وقد دخل في ذلك ما لا عقده المرء على نفسه بدليل قوله تعالى: {وَلَقَدْ كَانُوا عَاهَدُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ لَا يُوَلُّونَ الْأَدْبَارَ وَكَانَ عَهْدُ اللَّهِ مَسْئُولًا} (?) .

فدل على أن عهد الله يدخل فيه ما عقده المرء على نفسه وإن لم يكن الله قد أمر بنفس ذلك المعهود عليه قبل العهد كالنذر، والبيع ... وقال سبحانه {وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ} (?) .

قال المفسرون – كالضحاك وغيره – تساءلون به: تتعاهدون وتتعاقدون، وذلك لأن كل واحد من المتعاقدين يطلب من الآخر ما أوجبه العقد من فعل، أو ترك، أو مال، أو نفع، أو نحو ذلك، وجمع سبحانه في هذه الآية، وسائر السورة أحكام الأسباب التي بين بني آدم المخلوقة كالرحم والمكسوبة كالعقود التي يدخل فيها العهد ... ) (?) .

وكذلك تدل مجموعة كبيرة من الأحاديث الشريفة على وجوب الوفاء بالعقود والوعود والعهود، وأن مخالفة الوعد من علامات النفاق، إضافة إلى أحاديث خاصة في الموضوع منها قول النبي صلى الله عليه وسلم: " الصلح جائز بين المسلمين إلا صلحًا حرم حلالًا، أو أحل حرامًا، والمسلمون على شروطهم إلا شرطًا حرم حلالا، أو أحل حراما " [رواه الترمذي وقال: (حسن صحيح) ورواه البخاري تعليقا بصيغة الجزم لكنه بدون الاستثناء، ورواه كذلك الحاكم وأبو داود عن أبي هريرة بلفظ (المسلمون عند شروطهم) أي بدون الاستثناء] (?) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015